الإنسان الاوروبي الحديث، فاختيار المنهج الذي سلكته التجربة الرائدة للإنسان الاوروبي الحديث كان موضع وفاق؛ لأنّه ضريبة الإمامة الفكرية للحضارة الغربية، وإنّما الخلاف في تحديد شكل واحد من أشكالها.
وتواجه التجارب الحديثة للبناء الاقتصادي في العالم الإسلامي عادة شكلين لتجربة البناء الاقتصادي في الحضارة الغربية الحديثة، وهما: الاقتصاد الحرّ القائم على أساس رأسمالي، والاقتصاد المخطّط القائم على أساس اشتراكي؛ فإنّ كلًاّ من هذين الشكلين قد عاش تجربة ضخمة في بناء الاقتصاد الاوروبي الحديث. والصيغة التي طرحت للبحث على مستوى التطبيق في العالم الإسلامي على الأكثر: ما هو الشكل الأجدر بالاتباع من هذين الشكلين وأقدر على إنجاح كفاح الامّة ضدّ تخلّفها الاقتصادي وبناء اقتصاد رفيع على مستوى العصر؟
وكان الاتجاه الأقدم حدوثاً في العالم الإسلامي يميل إلى اختيار الشكل الأوّل للتنمية وبناء الاقتصاد الداخلي للبلاد، أي الاقتصاد الحرّ القائم على أساس رأسمالي نتيجة لأنّ المحور الرأسمالي للاقتصاد الاوروبي كان أسرع المحورين للنفوذ إلى العالم الإسلامي واستقطابه كمراكز نفوذ.
وعبر صراع الامّة سياسياً مع الاستعمار ومحاولتها التحرّر من نفوذ المحور الرأسمالي وجدت بعض التجارب الحاكمة أنّ النقيض الاوروبي للمحور الرأسمالي هو المحور الاشتراكي، فنشأ اتجاه آخر يميل إلى اختيار الشكل الثاني للتنمية، أي التخطيط القائم على أساس اشتراكي نتيجة للتوفيق بين الإيمان بالإنسان الاوروبي كرائد للبلاد المتخلّفة وواقع الصراع مع الكيان السياسي للرأسمالية، فما دامت تبعية البلاد المتخلّفة للبلاد الراقية اقتصادياً تفرض عليها الإيمان بالتجربة الاوروبية كرائد، وما دام الجناح الرأسمالي من هذه التجربة