يعصر ليس ملاكاً للحرمة بالارتكاز العرفي، ولهذا الغيت بالارتكاز خصوصية العصر رأساً كما تقدّم[1]، والتزم بشمول الحكم بالحرمة لِمَا إذا غلى ماء العنب الخارج بدون عصر، فارتكازية أنّ نفس العصر بما هو لا دخل له في الحرمة يكون قرينةً عرفاً على ملاحظة المعنى الإضافيّ المستبطن للتقدير، ومعه يبطل الإطلاق؛ لعدم الدليل على كون المقدّر هو الأعمّ.
وقد يؤيّد القرينة المذكورة: استلزام الحمل على المعنى الأوّل لتخصيص الأكثر، وهو مستهجن إذا لم نفرض احتفاف الكلام بارتكازاتٍ لبّيةٍ عرفية، توجب إخراج ذلك الأكثر، وإلّا لم يكن مستهجناً؛ لأنّ المستهجن تخصيص الأكثر بالمنفصل، لا بالمتّصل.
وقد يُجاب عن التمسّك بالإطلاق بما نقله شيخ الشريعة قدس سره[2] عن النراقي، من: أنّ استعمال كلمة «العصير» في الروايات لو كان جارياً حسب الأوضاع النوعية لهيئة «فَعيل» أمكن التمسّك بإطلاقها إذ لم يؤخذ في هيئة «فعيل» خصوصية شيء، ولكنّه ليس كذلك، بل هو استعمال مجازي؛ لأنّ «فعيل» تدلّ بطبعها على اسم الفاعل تارةً، وعلى اسم المفعول اخرى، وفي المقام لا يصحّ استعمال كلمة «العصير»، لا بمعنى اسم الفاعل من قبيل «الخطيب» و «البشير»؛ لأنّ فاعل العصر إنّما هو الإنسان، ولا بمعنى اسم المفعول من قبيل «الجريح» و «الكسير»؛ لانّ المعصور إنّما هو العنب، فاستعمال العصير في ماء العنب مجاز، ومعه فقد يكون مستعملًا في الخاص ابتداءً.
[1] تقدّم في الصفحة 510
[2] إفاضة القدير في أحكام العصير( التالي لقاعدة لا ضرر): 10- 11، وراجع ما قالهالنراقي في مستند الشيعة 15: 191 وما بعدها