وقد اعترض شيخ الشريعة قدس سره على كلام النراقي: أنّ كلمة «فعيل» كما تطلق على المفعول الذي يتعدّى الفعل إليه بلا واسطةٍ كما في «جريح» كذلك تطلق على ما يتعدّى الفعل إليه بالحرف، كما في «نقيع»، إذ تطلق على الماء وليس هو المنقع، بل المنقع فيه، وعليه فإطلاق عصير على الماء حقيقي؛ لأنّه وإن لم يكن هو المعصور لكنّه المعصور منه.
وهذا الكلام غريب، فإنّ المعصور منه يعني المعصور من العنب، وهذا يعني: أنّ الفعل تعدّى بِمِنْ إلى العنب، وأمّا ماء العنب فقد تعدّى الفعل إليه مباشرةً، وليس الماء بالنسبة إلى العصير كالماء المنقع فيه بالنسبة إلى النقيع.
والصحيح في دفع كلام النراقي قدس سره: إنكار المجازية؛ لأنّ الماء جزء العنب، فهو يعصر بعصر العنب حقيقةً، ولو سلّمت المجازية فهي ذات نكتةٍ عرفيةٍ نسبتها إلى كلِّ أقسام العصير على نحوٍ واحد، فينعقد ظهور في الإطلاق أيضاً لولا ما تقدّم منّا.
ويظهر من صاحب الحدائق[1] قدس سره دعوى وجود المقيّد لو سلّم الإطلاق في كلمة «العصير» الواردة في الروايات، والمقيّد ما دلّ من الروايات على أنّ العصير من الكرم، كما في رواية عبد الرحمان بن الحجّاج المتقدّمة: «الخمر من خمسة:
العصير من الكرم والنقيع من الزبيب … الحديث»[2]، فكأ نّه يستفيد من قوله:
«العصير من الكرم» حصر العصير بما يؤخذ من العنب.
ويرد عليه: أنّ هذا إنّما يتصوّر فيما إذا كان القول المذكور مشتملًا على نسبةٍ تامّة، فقد يستظهر منه الحصر حينئذٍ، لكنّ الأمر ليس كذلك، فإنّ هذا الكلام
[1] الحدائق الناضرة 5: 127
[2] وسائل الشيعة 25: 279، الباب 1 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1