لعدم شمول دليل المحلّلية له بعد زوال عنوان العصير عنه؛ لأنّ الدليل إنّما يقتضي كون ذهاب الثلثين محلّلًا ومطهّراً للعصير العنبيّ، لا لكلِّ محرّمٍ ونجس.
هذا تمام الكلام في مسائل حرمة العصير العنبيّ.
الجهة الثانية: في حرمة العصير الزبيبيّ، وعدمها.
ولا شكّ في حرمته بالغليان إذا أصبح مسكراً، كما هو الحال في المغليّ بنفسه، وأمّا بقطع النظر عن الإسكار فقد يستدلّ على حرمة المغليّ من العصير الزبيبيّ بوجوه:
[الوجه الأوّل:]
منها: التمسّك بإطلاق كلمة «العصير» أو عمومها في روايات تحريم العصير العنبيّ، إذ لم يقيّد فيها بكونه عنبياً، كما في رواية ابن سنان: «كلّ عصيرٍ أصابته النار فهو حرام»[1].
والصحيح في الجواب على هذا الوجه: أنّ العصير قد يطلق بلحاظ معناه الاستقلالي، أي: شيء يعصر ويضغط، بغضّ النظر عن منشئه. واخرى يلحظ بالمعنى الإضافي، أي: عصير العنب والسفرجل ونحو ذلك.
فإن اريد الأوّل فقد يتوهّم وجود الإطلاق في الروايات. وإن اريد الثاني فهذا يعني أنّ المقصود منه ملحوظ ضمناً، ومقدّر ذهناً، والمتيقّن من هذا المقدّر هو العنب، ولا مجال لإجراء مقدّمات الحكمة لإثبات الأعمّ في موارد تردّد المقدّر بين مفهومين أحدهما أعمّ من الآخر، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً، فلا يمكن التمسّك بإطلاق العصير في الروايات.
والمتعيّن بحسب المتفاهم العرفيّ هو الثاني؛ لوضوح أنّ مجرّد كون الشيء
[1] وسائل الشيعة 25: 282، الباب 2 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1