الدبسية، فيكون ذهاب الثلثين أخصّ، أو بحكم الأخصّ مطلقاً من خضاب الإناء، فتقيّد رواية الخضاب بروايات إناطة الحلّية بذهاب الثلثين.
الثالث: أ نّه بعد الغضّ عن كلّ ما مضى يقال: إنّ هذه الرواية تعارض رواية معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن البختج، فقال: «إذا كان حلواً يخضب الإناء، وقال صاحبه: قد ذهب ثلثاه وبقي الثلث فاشربه»[1].
وهذه الرواية واردة في مورد الشك في ذهاب الثلثين، بقرينة قوله: «وقال صاحبه قد ذهب ثلثاه»، فقيّد الإمام الجواب بأمرين: أحدهما الخضاب، والثاني شهادة صاحبه بذهاب الثلثين.
فلو كان الخضاب يكفي وحده في الحلّية الواقعية لم يكن هناك حاجة إلى ضمّ شهادة صاحب العصير بذهاب الثلثين إليه، بخلاف ما إذا لم يكن الخضاب محلّلًا فقد يكون المجموع منه ومن أخبار صاحب العصير قد اعتبر أمارةً على ذهاب الثلثين.
والمستخلص من مجموع ما تقدّم: عدم حرمة الدبس المذكور.
المقام الثاني: في ما يكون محلّلًا للدبس إذا لم نقل بحلّيته في المقام الأوّل، وقد قيل: بأ نّه يلقى عليه الماء ثمّ يغلى حتّى يكتمل ذهاب الثلثين، وهذا لا يخلو من إشكالٍ مطلقاً، أو على بعض التقادير على الأقلّ.
فإنّه إذا قيل بعدم صدق عنوان العصير على الدبس المذكور والتزم بحرمته:
إمّا للاستصحاب التنجيزي للحرمة، بدعوى: أنّ زوال هذا العنوان لا يوجب تغيّر الموضوع، وإمّا لأجل النجاسة؛ لأنّ مجرّد انقلاب العنوان لا يدفع محذور النجاسة، فيشكل عندئذٍ إثبات محلّلية ومطهّرية ذهاب الثلثين بالنحو المذكور؛
[1] المصدر السابق: الحديث 3