وروايات محلّلية ذهاب الثلثين تدلّ بالمنطوق على قضيةٍ موجبةٍ وهي جواز الشرب مع ذهاب الثلثين، وتدلّ بالمنطوق وبالمفهوم على قضيةٍ سالبةٍ وهي عدم جواز الشرب مع عدم ذهاب الثلثين، والقضية الموجبة من كلٍّ منهما تعارض القضية السالبة من الاخرى بالعموم من وجه، وحينئذٍ إن احتملنا ثبوتاً كون ذهاب الثلثين بلا خضابٍ غير كافٍ في الحلّية، بأن لم يقم إجماع ونحوه على كون ذهابهما علّةً تامّةً للحلّيّة قلنا: إنّ الأمر دائر بين تقييد القضية الموجبة في كلٍّ منهما بالسالبة في الاخرى، وتقييد السالبة بالموجبة.
فعلى الأوّل يكون المحلّل مجموع ذهاب الثلثين والخضاب، ولا يكفي أحدهما.
وعلى الثاني يكون أحدهما كافياً، وحيث لا مرجّح لأحد التقييدين على الآخر فيتساقطان، ونرجع في مادّة الاجتماع إلى مرجعٍ فوقيٍّ وهو عموم حرمة العصير المغلي، فإنّ القدر المتيقّن خروجه منه هو فرض اجتماع الخضاب مع ذهاب الثلثين.
وإن لم نحتمل- بقرينة الإجماع- أن يكون ذهاب الثلثين محتاجاً إلى قيدٍ آخر أصبح منطوق قوله: «إذا كان يخضب الإناء فاشربه» هو المخصّص؛ لما دلّ على عدم جواز الشرب قبل ذهاب الثلثين؛ وذلك لأنّ العكس غير ممكن، إذ لو قيّدنا خضاب الإناء بذهاب الثلثين- وقد افترضنا كفاية ذهابهما- لزمت لَغْوِية أخذ الخضاب، فهذا إلغاء للدليل، لا تقييد له، فالأمر يدور بين إلغاء دليلٍ وتقييد دليلٍ آخر، ومتى دار الأمر بينهما تعيّن التقييد، فيثبت كون الخضاب كافياً.
هذا كلّه إذا افترضنا أنّ فرض ذهاب الثلثين بدون خضابٍ أمر عادي. وأمّا إذا قلنا بأنّ خضاب الإناء يحصل عادةً قبل ذهاب الثلثين؛ لأنّه ليس بمعنى