في المقام، كما صنعه شيخ الشريعة قدس سره. ومورد استدلاله قوله: «فإذا كان أيّام الصيفِ وخشيت أن ينشَّ».
وتقريبه: أ نّه لو كان ذهاب الثلثين محلّلًا لمَا نشَّ بنفسه، فلا معنى للخشية من النشيش، إذ المفروض أ نّه سوف يطبخه إلى ذهاب الثلثين.
ويرد عليه: أ نّه لم يذكر وجه الخشية، وإنّما بيّن علاجها بعد الفراغ عن افتراضها في ذهن عمّار، ولا ينحصر هذا الوجه المفترض في ثبوت حرمةٍ مطلقةٍ للمغليِّ بنفسه لا ترفع إلّابالتخليل.
وتوضيح ذلك: أ نّه إذا بني على نجاسة كلّ مسكرٍ- كما هو المشهور، ومختار شيخ الشريعة- فمن الواضح بعد البناء على أنّ المغليّ بنفسه مسكر- كما هو مختاره أيضاً- أنّ العصير ينجس عندئذٍ بالنشيش الحاصل بنفسه، ويكون الطابخ معرّضاً للنجاسة خلال عملية الطبخ، بسبب ترشّح شي‏ءٍ من العصير، ويكفي ذلك تفسيراً للخشية.
وأمّا إذا بنينا على عدم نجاسة غير الخمر من المسكرات فيمكن أن نفسّر الخشية: بأنّ الحرمة التي تحصل بالنشيش في نفسه المساوق للإسكار لا ترتفع إلّا بزوال الإسكار، وهو أمر لابدّ من إحرازه. وقد لا يتأتّى‏ إحرازه إلّابعد ذهاب الثلثين، مع أنّ الإمام عليه السلام يريد أن يصف له المطبوخ بنحوٍ يحلّ بمجرّد ذهاب الثلثين، وهذا شي‏ء غير دعوى الحرمة التي لا ترتفع إلّابالتخليل.
الاسلوب الثالث: الاستدلال بروايات التخليل، وتوضيح ذلك: أنّ العصير العنبيّ إذا غلى‏ بنفسه أصبح مسكراً، والمسكر محكوم عليه بالحرمة إلى أن يتخلّل، بمقتضى روايات التخليل، وهذا الاسلوب لامجال له عند من ينكر مساوقة الغليان بنفسه للإسكار.
وأمّا بناءً على صحّة ذلك- كما هو المختار- كان مقتضى روايات التخليل‏