أو بعده.
وثالثاً: لو سلّم اقتضاء المفهوم بإطلاقه ثبوت الحرمة في العصير المغليّ بنفسه بعد ذهاب الثلثين- ولو زالت عنه صفة الإسكار- فهذا الإطلاق في المفهوم معارض مع إطلاق آية حلّية الطيّبات، التي تشمل كل عصيرٍ غير مسكر، والمعارضة بالعموم من وجه.
نعم، لو ادّعى شخص أنّ المعلّق في الرواية ليس هوالحرمة المقيّدة، بل نفس التقييد، وكون الحرمة منوطةً بعدم ذهاب الثلثين كان المفهوم عنده أخصَّ؛ لأ نّه يختصّ مورده حينئذٍ بالعصير المغليّ بنفسه؛ لأنّ غير المغليّ لا حرمة فيه أصلًا.
ثمّ إنّه لو تمّ في المفهوم إطلاق يقتضي بقاء الحرمة في المغليّ بنفسه بعد ذهاب الثلثين: فإن قيل بأنّ روايات محلّلية ذهاب الثلثين مختصّة بالمغليّ بالنار فهو. وإن قيل بالإطلاق في بعضها للمغليّ بنفسه، وقع التعارض بالعموم من وجه، وتعيّن على شيخ الشريعة حينئذٍ أن يتمسك بمطلقات حرمة العصير إذا غلى.
الرواية الثانية: لعمّار الساباطي، قال: وصف لي أبو عبد اللَّه عليه السلام المطبوخ كيف يطبخ حتّى يصير حلالًا، فقال لي: «تأخذ ربعاً من زبيب وتنقّيه، بأن تصبّ عليه اثني عشر رطلًا من ماء، ثمّ تنقعه ليلةً، فإذا كانت أيام الصيف وخشيت أن ينشّ جعلته في تنّورٍ سخّن قليلًا حتى لا ينش … الحديث»[1].
وهذه الرواية: تارةً يستدلّ بها على حرمة العصير الزبيبيّ بالغليان حتّى يذهب ثلثاه، وهذا بحث يأتي[2] إن شاء اللَّه تعالى. واخرى يستدلّ بها على المدّعى
[1] وسائل الشيعة 25: 289، الباب 5 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 2
[2] في الصفحة 531