المدّعى دلالتها على انحصار المحلّل بالتخليل: أنّ الحرمة في المغليّ بنفسه تبقى بعد ذهاب الثلثين أيضاً، فإن لم يوجد في روايات محلّلية ذهاب الثلثين ما يشمل بالإطلاق العصير المغليّ بنفسه فهو، وإلّا وقع التعارض بالعموم من وجه، وتعيّن الرجوع إلى مطلقات حرمة العصير العنبيّ بالغليان على فرض وجودها.
ولكنّ التحقيق: أنّ روايات التخليل لا تدلّ على حصر المحلّل بالتخليل، بل على إناطته بزوال الإسكار ولو لم يصبح العصير خلّاً، فإنّ روايات التخليل بعضها من قبيل رواية زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: سألته عن الخمر العتيقة تجعل خلّاً؟ قال: «لا بأس»[1].
وهذا المضمون لا يستفاد منه حصر المحلّل بالتخليل، كما هو واضح.
وبعضها يستفاد منه كون المناط زوال الخمرية والإسكار، لا حصول صفة الخلّية، وهو رواية عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أ نّه قال في الرجل إذا باع عصيراً فحبسه السلطان حتّى صار خمراً، فجعله صاحبه خلّاً، فقال: «إذا تحوّل عن اسم الخمر فلا بأس»[2].
وبعضها قد يتمسّك به لإثبات حصر المحلّل بالتخليل، وهو ما رواه محمد ابن أبي عمير، وعليّ بن حديد جميعاً، عن جميل قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام:
يكون لي على الرجل الدراهم، فيعطيني بها خمراً، فقال: «خذها ثمّ أفسِدها».
قال عليّ: واجعلها خلّاً[3].
فإنّ قوله: «ثمّ أفسدها» وإن كان لا يدلّ على أكثر من تحويلها عن
[1] وسائل الشيعة 25: 370، الباب 31 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1
[2] المصدر السابق: 371، الحديث 5
[3] المصدر السابق: الحديث 6