فالجزاء منتفٍ، واخرى: بالغليان بنفسه من دون إصابة النار، وحينئذٍ لا إشكال في ثبوت أصل الحرمة، فيجب أن يكون انتفاء الجزاء وهو الحرمة المقيدة بانتفاء قيدها، ومعنى ذلك ثبوت الحرمة المطلقة للمغليّ بنفسه على نحوٍ لا ترتفع إلّا بالتخليل.
وتحقيق الكلام في ذلك يقع في ثلاث نقاط:
إحداها: في أنّ هذه الجملة هل لها مفهوم، أوْ لا؟
والثانية: في أ نّه على فرض المفهوم هل يدلّ المفهوم على انتفاء الحرمة المقيّدة؟
والثالثة: أ نّه لو فرض وجود مفهومٍ يدلّ على انتفاء الحرمة المقيّدة فهل يثبت بذلك حرمة العصير العنبي المغليّ بنفسه وإن ذهب ثلثاه مالم يخلّل؟
أمّا النقطة الاولى فمن الواضح أ نّه لم تستعمل في هذه الجملة أداة شرط، فدعوى المفهوم قد تكون على أساس الالتزام بالمفهوم في الوصف واللقب، وهذا غير تامٍّ كبرىً، إذ لا نقول بالمفهوم لهما.
نعم، لابدّ من تصوّر فائدةٍ في القيد حتّى لا يكون لغواً، ويكفي فائدة لذكر إصابة النار أ نّه لو لم يذكرها لكان الموضوع أوسع من الحرام، إذ ليس كلّ عصيرٍ حراماً قبل ذهاب الثلثين، فالقيد احترازي في الجملة.
وقد تكون دعوى المفهوم على أساس مفهوم الشرط الثابت في الجملة، وإن لم يوجد فيها أداة الشرط صريحاً، وذلك بقرينة «الفاء» فإنّه قرينة على ملاحظة نحوٍ من الشرطية والترتّب.
وهذا يمكن الإيراد عليه بأمرين:
أحدهما: مبنيّ على أنّ ملاك مفهوم الشرط استفادة التعليق، والفاء لا يفيده وإن أفاد نحواً من الترتّب اللزومي.