نظرها إلى دليلٍ للحرمة وراءها؛ حتّى تكون حاكمةً عليه.

وثانياً: على عدم اختصاص نظرها- لقرينة- بخصوص الحرمة الثابتة للعصير المغليّ بالنار، كما مرّت الإشارة إلى ذلك سابقاً.

الاحتمال الخامس: أن يبنى على ورود كلتا الطائفتين في خصوص المغليّ بالنار. وقد ظهر حال هذا الاحتمال ممّا تقدّم.

وقد يقال: بناءً عليه أ نّه يتمّ ما ذكره شيخ الشريعة؛ لأنّ ورود الطائفتين معاً في المغليّ بالنار لا يعني حلّية المغليّ بنفسه، بل هو حرام- على أيّ حالٍ- ولو لم نقل بأنّ الغليان بنفسه يساوق الإسكار بلحاظ الإجماع، ومعه فيجري استصحاب بقاء الحرمة بعد ذهاب الثلثين. ولكن قد يتمسّك حينئذٍ بعموم حلّية الطيبات الحاكم على الاستصحاب المذكور.

الاحتمال السادس: أن يفترض عكس الاحتمال الأوّل، وهو في صالح المشهور، وقد عرفت حاله ممّا تقدّم.

هذا كلّه في الاسلوب الأوّل لشيخ الشريعة في إثبات مدّعاه.

أمّا الاسلوب الثاني فهو التمسّك ببعض الروايات الخاصّة، وهو روايتان:

الاولى: رواية عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كلّ عصيرٍ أصابته النار فهو حرام حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه»[1].

وتقريب الاستدلال بها: أنّ هذه الرواية تشتمل على شرطٍ وهو إصابة النار للعصير، وجزاءٍ وهو الحرمة المقيّدة بعدم ذهاب الثلثين، ومقتضى قانون الشرطية انتفاء الجزاء، وهو هنا الحرمة المقيّدة بانتفاء الشرط، ويكون انتفاء الشرط في المقام: تارةً بعدم الغليان رأساً، وحينئذٍ لا إشكال في عدم الحرمة،

 

[1] وسائل الشيعة 25: 282، الباب 2 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1