الرابع.
وأمّا على الثاني فقد يقال: إنّ ظاهر الدليل كون المغليّ بهذا العنوان موضوعاً للحرمة، لا بما هو طريق للإسكار والخمرية؛ لأنّ حمل العنوان المأخوذ في موضوع الحرمة على المعرِّفية والطريقية خلاف الظاهر، ومعه يتعيّن حمل روايات الطائفة الاولى على المغليّ بالنار خاصّةً؛ لأنّه هو القابل لجعل الحرمة عليه بهذا العنوان دون المغليّ بنفسه؛ لأن فرض ثبوت حرمةٍ عليه بهذا العنوان، يلزمه الالتزام بحرمتين عليه: إحداهما بعنوان المغلي، والاخرى بعنوان الخمر، وهو غير محتمل فقهياً.
فإذا اريد الحفاظ على دخل الغليان بعنوانه في موضوع الحرمة المنشأة في روايات الطائفة الاولى فلابدّ من تجاوز احتمال اختصاصها بالمغليّ بنفسه، بل واحتمال شمولها له بالإطلاق أيضاً.
وأمّا أنّ هذا الاحتمال هل هو في صالح مدَّعى شيخ الشريعة فتحقيقه: أ نّا إذا قلنا بأنّ الغليان بنفسه لا يساوق الإسكار، فلا شكّ في أنّ هذا الاحتمال في صالحه.
وأمّا إذا قلنا بأنّ العصير المغليّ بنفسه هو المسكر والخمر بعينه- كما تقدم- فلا يتمّ ما رامه شيخ الشريعة من التمسّك بإطلاق الطائفة الاولى لإثبات حرمة المغليّ بنفسه حتّى بعد ذهاب الثلثين، إذ لا يمكن المصير على هذا التقدير إلى تكفّل هذه الطائفة لإنشاء حرمةٍ على عنوان المغليّ بما هو؛ لكي نتمسّك بإطلاقها لما بعد ذهاب الثلثين؛ لاستلزامه كونه محرّماً بحرمتين: بما هو مغليّ، وبما هو مسكر، وهو غير محتملٍ فقهياً.
فلابدّ من الالتزام: إمّا بأنّ هذه الروايات ليست في مقام بيان حرمة المغلي، بل في مقام تحديد الميزان في اتّصاف العصير بالحرمة الثابتة لعنوان المسكر.