وإمّا بأنّ هذه الروايات وإن كانت في مقام بيان الحرمة إلّاأنّ الغليان لم يؤخذ- بما هو- موضوعاً لهذه الحرمة، بل اخذ بنحوٍ يناسب مع المعرفية؛ لكي تكون الحرمة في فرض الإسكار عين الحرمة المجعولة على المسكر، لا حرمةً اخرى.
فعلى الأوّل لا يكون للروايات إطلاق يقتضي حرمة العصير المغليّ مطلقاً حتّى بعد ذهاب الثلثين؛ لأنّ مرجعها حينئذٍ إلى حرمة المسكر، ومن الواضح أ نّنا نتكلّم في ذهاب الثلثين المساوق لعدم الإسكار.
وعلى الثاني يمكن تصوير الإطلاق في الحرمة المستفادة من تلك الروايات لفرض ذهاب الثلثين، غاية الأمر أنّ الحرمة في حالات الإسكار يكون الغليان معرِّفاً لموضوعها وهو الإسكار، وفي الحالات الاخرى يكون الغليان بعنوانه موضوعاً لها، غير أنّ هذا الإطلاق يقع طرفاً للمعارضة مع إطلاق دليل حلّية الطيبات بنحو العموم من وجه؛ لأنّ العصير المغليّ بعد ذهاب الثلثين وارتفاع سكره يشمله عنوان الطيبات في دليل الحلّية.
ولا يمكن تقديم إطلاق الحرمة بدعوى: أنّ العكس يوجب إلغاء عنوان الغليان، وعدم دخله بنحو الموضوعية؛ لاندفاعها: بأنّ رفع اليد عن ظهور العنوان المذكور في الموضوعية مفروض في المقام، فلا يكون محذوراً جديداً، وعليه فقد يقدَّم دليل الحلّية في مادة الاجتماع باعتباره كتابيّاً، ولا يتمّ حينئذٍ ما اختاره شيخ الشريعة قدس سره.
الاحتمال الثاني: أن تكون الطائفة الاولى مطلقةً تشمل المغليّ بالنار والمغليّ بنفسه، والطائفة الثانية المغيَّاة بذهاب الثلثين مختصّة بالمغليّ بالنار.
والكلام يقع: تارةً في تقييم الاحتمال، واخرى في كونه لصالح مختار شيخ الشريعة.