وذهب آخرون‏[1] إلى أ نّه الطبخ المذهب للثُلُثين.

وبعض ثالث‏[2] قال بكفاية مطلق الطبخ، وأمّا أتباع عبادة بن الصامت فقالوا: إنّ الطبخ إلى ذهاب الثلثين يوجب التحليل؛ لعدم الإسكار خارجاً حينئذٍ.

فإذا عرفنا أنّ الاستفهام المركوز في الذهن العامّ من أيّام عمر إلى أيّام أصحاب المذاهب هو أنّ الطبخ بالنار هل يحلّل ما كان حراماً لولا الطبخ، أوْ لا، لا أ نّه هل يكون محرّماً بنفسه، أوْ لا؟ كان من الطبيعيّ أن يوجّه إلى الإمام هذا الاستفهام، وأن يتصدّى‏ عليه السلام لإبداء رأيه بهذا الشأن، فقال ما قال من الروايات بشأن الطلاء التي حاصلها: أ نّه إذا زاد الطلاء على الثلث فهو حرام، واذا طبخ على الثلث فهو حلال.

فيكون معنى هذا الكلام في ضوء الارتكاز المذكور: أ نّه اذا لم يطبخ على الثلث صار حراماً بعد ذلك بالسكر.

وهذا الارتكاز إن لم يوجب ظهور روايات الطلاء في كونها تعقيباً على النزاع المعروف المركوز بنحوٍ يناسبه فلا أقلّ من اقتضائه للإجمال، بمعنى أ نّنا نحتمل أنّ الارتكاز المعاصر كان بنحوٍ يوجب ظهور روايات الطلاء في ذلك عند السامع، واحتمال القرينة المتّصلة موجب للإجمال.

وتوجد عندنا مؤيّدات لما احتملناه في معنى روايات الطلاء:

منها: نفس استثناء ذهاب الثلثين، فإنّ القيد المأخوذ في كلام المولى: إن لم يكن له نكتة مركوزة في ذهن العرف حمل على التعبّد، وإن كان له نكتة مركوزة عرفاً انعقد له ظهور بملاك الانسباق العرفيّ للنكتة المركوزة في أنّ القيد بلحاظها،

 

[1] الإشراف على مذاهب أهل العلم 3: 250. والمحلّى 7: 497

[2] بدائع الصنائع 4: 282- 283