مع روايات الباب، الدالّة بإطلاقها على حرمة العصير المغليّ ولو لم يسكر، وبعد التساقط نرجع إلى أصالة الحلّ، فيثبت اختصاص الحرمة في العصير المغليّ بالمسكر.

إلّاأ نّه لم يعلم بأنّ الرواية ونظائرها بصدد الحصر، وبيان تمام المحرّمات من الأشربة، بل هي في مقام توزيع العمل بين اللَّه ورسوله من حيث التحريم في خصوص المسكرات.

غير أنّ بالإمكان أنّ نعوِّض عن الاستدلال بهذه الروايات بالاستدلال بآية حلّية الطيّبات، التي يقتضي إطلاقها المقاميّ حلّيّة كلّ ما هو طيّب في النظر النوعي. وباعتبار ورودها في سورة المائدة بصورةٍ متأخرةٍ عن تشريع حرمة الخمر، وإشباع الأذهان بخباثته، فلا تشمل المسكرات.

غير أ نّها تشمل العصير المغليّ غير المسكر، فتعارض بالعموم من وجهٍ مع روايات الباب، وتقدّم الآية في مادة الاجتماع.

ولكنّ هذا إذا لم نستظهر تقديم روايات الباب بملاكٍ دلاليّ على أساس دعوى ظهورها في موضوعية عنوان العصير المغليّ للحرمة، ومع تقديم المعارض عليها وتقييدها بالمسكر من المغليِّ يلزم إلغاء العنوان رأساً.

رابعها: رواية محمد بن الهيثم، عن رجلٍ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال:

سألته عن العصير يطبخ بالنار حتّى يغلي من ساعته أيشربه صاحبه؟ فقال: «إذا تغيّر عن حاله وغلى فلا خير فيه حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه»[1].

وهذه الرواية فيها احتمالات تأتي- إن شاء اللَّه- في بحث محلّلية ذهاب الثلثين. والشاهد هنا قوله: «إذا تغيّر عن حاله وغلى فلا خير فيه» فإنّه لا ينبغي‏

 

[1] وسائل الشيعة 25: 285، الباب 2 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 7