في سندها بأبي الأغرِّ النحّاس يمكن دفعه بالتوثيق العامّ لمن يروي عنه أحد الثلاثة، فإنّه قد روى عنه ابن أبي عمير، وصفوان، والطريق صحيح. فتتمّ الرواية سنداً ودلالةً، وبها يحمل الأمر بالغسل في الروايات الاخرى على التنزّه والاستحباب.
ومنها: رواية عبد اللَّه بن أبي يعفور، قال: كنّا في جنازةٍ وقدّامنا حمار، فبال، فجاءت الريح ببوله حتّى صكّت وجوهنا وثيابنا، فدخلنا على أبي عبد اللَّه عليه السلام فأخبرناه، فقال: «ليس عليكم بأس»[1].
وهي كسابقتها في الدلالة. كما أنّ الإشكال في سندها بِالحَكَم بن مسكين يندفع برواية ابن أبي عمير، والبزنطيّ عنه، فتصحّ، وتكون قرينهً على حمل الأمر بالغسل على الاستحباب.
نعم، هنا إشكال، وهو: أنّ هاتين الروايتين إذا صحَّتا لا تصلحان قرينةً في مقابل رواية سماعة، قال: سألته عن أبوال السِنَّور والكلب والحمار والفرس؟
قال: «كأبوال الإنسان»[2].
لقوّة ظهورها في النجاسة على نحوٍ يكون حَمل تشبيه بول الحمار ببول الإنسان على مجرّد التنزّه غير عرفي. وحينئذٍ تحصل المعارضة بين رواية سماعة وما دلّ على الطهارة، وبعد التساقط يمكن الرجوع إلى الأوامر بالغسل في سائر الروايات؛ لأنّ تلك الأوامر لا تقع طرفاً في هذه المعارضة؛ لصلاحية ما دلّ على الطهارة للقرينية بالنسبة إليها، فتكون بمثابة العامّ الفوقيّ فتثبت النجاسة.
[1] المصدر السابق: 410، الحديث 14
[2] وسائل الشيعة 3: 406، الباب 8 من أبواب النجاسات، الحديث 7