ولكنّ هذا- على أيّ حالٍ- إن أزال وثوقنا بانعقاد الارتكاز المتشرّعيّ المعاصر للنصوص على الطهارة بنحوٍ يمتنع الاستدلال بالسيرة مباشرةً فلا يزيل احتمال ذلك بنحوٍ معتدٍّ به.
وهذا الاحتمال ينفع حينئذٍ لا في تتميم الاستدلال بالسيرة، بل في إيجاد الإجمال في البيانات الآمرة بالغسل المرويّة؛ لأنّ الارتكاز المذكور على تقدير ثبوته يصلح أن يكون بمثابة القرينة اللبّية المتّصلة للحمل على التنزّه والاستحباب، فيكون احتماله من احتمال القرينة المتّصلة، واحتمال القرينة المتّصلة كاحتمال قرينية المتّصل يوجب الإجمال عندنا حيث لا يكون المحتمل من سنخ القرائن اللفظية ونحوها ممّا تدخل في نطاق تعهّد الراوي بنقلها، ويعتبر عدم نقله لها شهادةً بعدمها، وذلك كما في القرائن اللبّية الارتكازية التي لا يوجد من الراوي تعهّد بالتعرّض لها ليكون سكوته شهادةً بعدمها.
اللهمّ إلّاأن يقال: إنّ بعض الروايات الدالّة على النجاسة قويّة الظهور في ذلك، على نحوٍ لا يصلح الارتكاز المفترض أن يكون قرينةً على تأويل ظهورها أو إسقاط صراحتها، من قبيل ما يأتي ممّا دلّ على أنّ أبوالها كبول الإنسان، فإنّ حمل مثل هذا اللسان على التنزّه بعيد جدّاً.
الثاني: تصحيح بعض ما يدلّ على الطهارة من الروايات، من قبيل رواية أبي الأغرّ النحّاس، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّي اعالج الدوابّ، فربما خَرَجتُ بالليل وقد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله فينضح على ثيابي، فاصبح فأرى أثره فيه، فقال: «ليس عليك شيء»[1].
وهي واضحة الدلالة في نفي المحذور عن أبوالها وأرواثها، والإشكال
[1] وسائل الشيعة 3: 407، الباب 9 من أبواب النجاسات، الحديث 2