لروايات كلٍّ من الطائفتين من ناحية درجة دلالتها على الحكم، مع أ نّه قد تشتمل إحدى الطائفتين على درجتين من الدلالة على الحكم، وتكون الطائفة الثانية كلّها صالحةً للقرينية على الدرجة الثانية دون الاولى، ففي مثل ذلك تكون الروايات ذات الدرجة الثانية من الطائفة الاولى بمثابة العامّ الفوقاني، وإن كان الموضوع واحداً في جميع الروايات.
غير أنّ نكتة سلامة العامّ الفوقيّ عن المعارضة وتعيّنه للمرجعية جارية فيها أيضاً، وعلى هذا الأساس لابدّ من إدخال هذا التصنيف في الحساب.
وبناءً على ذلك نقول: إن أخبار النجاسة على مراتب:
المرتبة الاولى: ما كان منها كالصريح في الدلالة على النجاسة بحيث لا يصحّ عرفاً حمله على التنزّه، من قبيل موثّقة عمّار، قال: «لا يجزيه حتّى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرّات»[1].
المرتبة الثانية: ما كان ظاهراً في النجاسة، مع إمكان الحمل على التنزّه عرفاً في مقام الجمع، كالروايات المشتملة على مجرّد الأمر بالغسل.
المرتبة الثالثة: ما كان دالّاً على النجاسة بالإطلاق ومقدمات الحكمة، وهو أضعف من سابقيه دلالةً؛ وذلك من قبيل ما اشتمل على التنزيل الذي يشمل إطلاقه النجاسة.
المرتبة الرابعة: ما كان دالّاً على النجاسة بالإمضاء السكوتيّ عمّا كشف عنه سؤال السائل، من ارتكاز نجاسة الخمر في ذهنه. وقد يتصور أنّ هذا نحو إطلاق أيضاً، فيدخل في المرتبة الثالثة.
ولكنّ الصحيح: أ نّه مرتبة رابعة؛ لأنّ مثل هذا الإمضاء السكوتيّ يرتفع
[1] وسائل الشيعة 3: 494، الباب 51 من أبواب النجاسات، الحديث 1