أيضاً لا يناسب أخبار النجاسة؛ لأنّنا نلاحظ فيها نوعاً من التأكيد البالغ والحثّ الشديد على التجنّب، والأمر بغسل الملاقي ثلاث مرّاتٍ كما في رواية عمّار، وعطف النبيذ والمسكر على الخمر، فلو كان الحكم الواقعيّ هو الطهارة فلماذا هذا الإلحاح والتأكيد على الغسل والتجنّب؟! خصوصاً مع عدم وجوب تعدّد الغسل عند العامة، وعدم نجاسة الأنبذة، بل حلّية شرب القليل منها عند جملةٍ منهم إذا كان المسكر كثيرها فقط، فمع ملاحظة جملةٍ من هذه الخصوصيات التي لا تقتضيها التقية يحصل الوثوق بعدم صدور روايات النجاسة تقيّةً.
الموقف الرابع: بعد افتراض عدم وجود المرجّح العلاجيّ يبنى على التساقط، ويرجع في الخمر أو في ملاقيه إلى أصالة الطهارة ونحوها من الاصول المؤمِّنة.
وهذا الموقف إنّما يصحّ فيما إذا لم يكن في داخل إحدى الطائفتين ما يكون بمثابة العامّ الفوقي، بحيث لايصلح أن يكون طرفاً للمعارضة في المرتبة الاولى، وإنّما يصلح أن يكون مرجعاً بعد تساقط المتعارضين.
وأمّا في حالة اشتمال إحدى الطائفتين على شيءٍ من هذا القبيل فلابدّ من الرجوع إليه، ولا يجوز البناء على التساقط المطلق من الجانبين.
الموقف الخامس: في تحقيق تلك الحالة، وإثبات اشتمال إحدى الطائفتين على ما يكون مرجعاً بعد التساقط. ولنمهِّد لذلك بتوضيح الفكرة كبروياً.
فنقول: إنّ الأصحاب جَرَوا في مورد تعارض الخاصّين المطابق أحدهما لعامٍّ فوقيٍّ على الالتزام بتساقط الخاصّين والرجوع إلى العامّ، بنكتة أنّ العامّ لا يصلح لمعارضة الخاصّ المقابل، فيكون مرجعاً بعد تساقط الخاصّين.
ولكنّهم دأبوا في نفس الوقت حينما توجد طائفتان متعارضتان في مسألةٍ بدون جمعٍ أو مرجّحٍ على إيقاع التعارض والتساقط بينها جميعاً، دون تصنيف