بالغسل منها على التنزّه.
والتحقيق: أنّ السيرة المدّعاة في المقام بالإمكان تقريبها بأحد أنحاء:
النحو الأوّل: أن يراد بها السيرة العملية لدى المتشرّعة بما هم متشرّعة، ويستند في ثبوت هذه السيرة في عصر الأئمّة عليهم السلام إلى قيامها في العصور المتأخّرة التي تعلم حالها مباشرةً، فيستكشف من قيامها في هذه العصور أ نّها كانت قائمةً منذ عصر الأئمّة عليهم السلام، وعمل المتشرّعة في ذلك العصر يكشف إنّاً عن الدليل على الطهارة.
وهذا الطريق في إثبات السيرة عهدته على مدَّعيه؛ لأنّ تَكَوُّن السيرة في زمانٍ متأخّرٍ بمجرّده وبدون ضمِّ نكتةٍ خاصّةٍ لا يكشف عن ذلك، إذ قد يكون متأ ثّراً بعوامل حادثةٍ، كانتشار الفتوى بالطهارة تدريجاً، ونحو ذلك، لا إلى انعقادها منذ عصر الأئمّة عليهم السلام.
وممّا يؤيّد ذلك: ذهاب بعض العلماء المتقدّمين إلى النجاسة كما أشرنا إليه، فإنّه لا يناسب استقرار السيرة القاطعة منذ ذلك الزمان على الطهارة.
النحو الثاني: أن يقال: إنّ مقتضى الطبع العقلائيّ أو مقتضى شدّة ابتلاء الناس بأبوال الدوابّ وصعوبة التحرّز عنها هو مساورتها، وكلّما توفّرت الدوافع النوعية على الإقدام عليه لو كان ممنوعاً شرعاً لحصل الردع عنه، وحيث لم يحصل ردع عن ذلك في المقام فيستكشف إمضاء ما يقتضيه طبع القضية من مساورة[1] تلك الأبوال.
وهذا استدلال بالسيرة العقلائية، ولهذا يحتاج إلى ضمِّ دعوى عدم الردع،
[1] السَوْرَة: الحِدَّة، وساوره مساورةً: واثبه. لسان العرب( مادة سَوَر)