محلّ الكلام والأخبار العلاجية التي لم يشخّص فيها مورد معيّن للتعارض، الأمر الذي يعيّن نظر السائل إلى استعلام الحكم الظاهريّ وحال الحجّية، بخلاف الرواية في المقام، التي شخص فيها مورد التعارض بنحوٍ يمكن طلب العلم بالحكم الواقعيّ للمسألة، وفي مثل ذلك يكون ظاهر السؤال والمراجعة استعلام حكم المسألة واقعاً، ومعه يكون حمل جواب الإمام عليه السلام على علاج مرحلة الحجّية خلاف الظاهر.
وأمّا النحو الثاني فلا قرينة عليه في مقابل النحو الثالث، سوى ما يمكن أن يستظهر من جواب الإمام عليه السلام الذي أضاف فيه القول إلى أبي عبد اللَّه، لا إلى الراوي من الفراغ عن صدور كلا القولين من الأئمّة.
ولكنّه مدفوع: بأنّ التعبير في جواب الإمام عليه السلام عن النصّ المتكفّل للنجاسة بقول أبي عبد اللَّه- لو سلّم كونه يعني تصويب هذه الإضافة، وليس مجرّد عنوانٍ معرّفٍ ومشير إلى أحد الخبرين- فغاية ما يقتضيه كون هذا النصّ صادراً من أبي عبد اللَّه، لا الفراغ عن صدور كلا النصَّين.
وممّا يبعّد النحو الثاني: ما سوف يأتي- إن شاء اللَّه- من أنّ احتمال صدور نصوص الطهارة تقيةً موهون جدّاً. وعليه فإن لم نجزم بالنحو الثالث فلا أقلّ من احتماله بنحوٍ معتدٍّ به، ومعه لا يثبت في الرواية ظهور يقتضي التقدّم بالحكومة.
وممّا ذكرناه ظهر الحال في رواية خَيْرَانَ الخادم أيضاً، قال: كتبت إلى الرجل عليه السلام أسأله عن الثوب يصيب الخمر ولحم الخنزير، أيصلّى فيه، أم لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: صلِّ فيه، فإنّ اللَّه إنّما حرّم شربها. وقال بعضهم: لا تُصَلِّ فيه. فكتب عليه السلام: «لا تصلِّ فيه فإنّه رجس»[1].
[1] وسائل الشيعة 3: 469، الباب 38 من أبواب النجاسات، الحديث 4