بنحو صرف الوجود. وفي دليل التنزيل قد وقع التنزيل محمولًا فقيل مثلًا:
«الخمر كلحم الخنزير»، أو «الطواف صلاة»، فيكفي صرف التنزيل ولو بلحاظ أثرٍ لإشباع حاجة القضية إلى محمول، فيثبت بالإطلاق أنّ كلّ طوافٍ صلاة، لا أنّ الطواف بمنزلة الصلاة في كلّ منازلها وشؤونها.
وإنّما ينعقد الإطلاق في دليل التنزيل بدلالة الاقتضاء العرفية في حالة عدم وجود قدرٍ متيقّنٍ في البين؛ لأنّ ظهور الكلام في إفادة أمرٍ عمليّ مع عدم التعيين، وعدم التعيين يوجب فهم الإطلاق. وأمّا مع وجود المتيقّن بقرينةٍ خاصّةٍ، أو بالانسياق الارتكازيّ لأثرٍ مخصوصٍ لأظهريّته ووضوحه فلا موجب للتمسّك بإطلاق دليل التنزيل لإثبات سائر الآثار.
والجواب على هذا الإشكال: أنّ العناية التي تصحِّح جعل الطواف صلاةً- مثلًا- لها مراتب، وكلّما كان الطواف واجداً لمرتبةٍ أكبر من خصوصيّات الصلاة كانت العناية المذكورة أخفّ، وبهذه النكتة يثبت الإطلاق في أدلّة التنزيل، أو على الأقلّ في ما كان بلسان حمل المنزل عليه على المنزَّل، فتدبّر جيّداً.
ومنها: رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديث النبيذ- قال:
«ما يبلّ الميل ينجّس حبّاً من ماء، يقولها ثلاثاً»[1].
ولا شكّ في وضوح دلالتها، إلّاأ نّها ساقطة سنداً؛ لوقوع إرسالٍ فيه قبل أبي بصير.
ومنها: رواية عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ماترى في قدحٍ من مسكر يصبّ عليه الماء حتّى تذهب عاديته ويذهب سكره؟ فقال:
[1] وسائل الشيعة 3: 470، الباب 38 من أبواب النجاسات، الحديث 6. و 25: 344، الباب 20 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 2