المدركية أكبر.
وقد تقدّم في مسألة نجاسة الكافر[1]: نقل نصٍّ عن الشيخ الطوسيّ يبرّر به الفتوى بتقديم أخبار النجاسة على أخبار الطهارة بوجوهٍ اجتهادية، دون أن يستعين في طرح روايات الطهارة بدعوى الشذوذ، أو مخالفة الضرورة، ونحو ذلك.
النقطة الخامسة: أنّ روايات الطهارة إذا لوحظت بقدر كشفها الاحتماليّ التكويني- بقطع النظر عن حجّيّتها التعبّدية- تشكّل أمارةً احتماليةً توهن الإجماع، وأماريّتها أقوى من أماريّة روايات الطهارة في مسألة نجاسة الكافر؛ لأ نّنا ذكرنا هناك: أنّ الرأي السائد بين علماء المسلمين من السنّة في عصر الأئمّة عليهم السلام كان هو طهارة الكافر. وفي مثل ذلك يحصل ظنّ قويّ بصدور رواياتٍ تدلّ على الطهارة على أيّ حالٍ: إمّا جدّاً أو تقيّةً، وهذا يعني أنّ صدور روايات الطهارة على فرض النجاسة ليس بأبعد من فرض صدورها على فرض الطهارة؛ لأنّ دوافع التقية متوفّرة.
وهذا الكلام لو تمّ هناك لا يأتي في هذه المسألة؛ لأنّ المشهور بين فقهاء السنّة في عصر الأئمّة عليهم السلام هو الفتوى بالنجاسة، فيكون صدور روايات الطهارة على فرض عدم الطهارة واقعاً في غاية البعد، وهذا يقوّي أماريّتها الوجدانية على ما ينافي الإجماع، خصوصاً مع وثاقة الرواة ومعروفيتهم.
ولا يبعد- مع أخذ مجموع هذه النقاط الخمس بعين الاعتبار- سقوط الإجماع في هذه المسألة عن الصلاحية لإيجاد اليقين، أو الاطمئنان الشخصيّ بالحكم الشرعي.
[1] تقدّم في الصفحة 354