والرواية وإن كانت غير صحيحة السند إلّاأ نّه يحتمل صدورها، وبقدر الاحتمال الوجدانيّ لصدورها تكون عاملًا مضادّاً للكاشفية التكوينية للإجماع.
إلّا أنّ ممّا يوهن أمر الرواية عطف لحم الخنزير على الخمر أيضاً.
وهناك رواية اخرى لكليب بن معاوية، قال: كان أبو بصير وأصحابه يشربون النبيذ يكسرونه بالماء، فحدّثت أبا عبد اللَّه عليه السلام، فقال لي: «وكيف صار الماء يحلّ المسكر؟! مُرْهُم لا يشربون منه قليلًا ولا كثيراً»، ففعلت، فأمسكوا عن شربه، فاجتمعنا عند أبي عبد اللَّه عليه السلام، فقال له أبو بصير: إنّ ذا جاءنا عنك بكذا وكذا، فقال: «صدق يا أبا محمد، إنّ الماء لا يحلّ المسكر، فلا تشربوا منه قليلًا ولا كثيراً»[1].
ومن المعلوم أ نّه لو كان المرتكز في ذهنهم النجاسة لكان من البعيد أن يتوهّموا كسر محذور النجاسة بالماء؛ لأنّ من الواضح أنّ النجس إذا زيد ماءً تنجّس ما يلقى فيه ولا يطهر، وإنّما ينشأ هذا التوهّم عند قصر النظر على محذور الحرمة، فيكشف عن عدم ارتكاز النجاسة في ذهن ثلّةٍ من فقهاء أصحاب الأئمّة عليهم السلام. والرواية وإن وردت في النبيذ المسكر إلّاأ نّه تنفع للغرض المطلوب على أيّ حال.
النقطة الرابعة: أنّ من المحتمل مدركية الإجماع واستناده إلى الوجوه الصناعية. وهذا الاحتمال هنا أوجه منه في مسألة نجاسة الكافر؛ لأنّ افتراض عدم اعتقاد ثلّةٍ من الأصحاب في المقام بالجمع العرفيّ، وبصلاحية أخبار النجاسة للحمل على التنزّه أقرب من افتراض مثل ذلك في تلك المسألة. وكلّما كان الوجه الصناعيّ للفتوى المجمع عليها أقرب إلى الوجاهة كان احتمال
[1] وسائل الشيعة 25: 341، الباب 18 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 2