وهذا مبنيّ على حمل عنوان ابن بابويه على الأب باعتباره الأقرب إلى بابويه، ولكن من المحتمل إرادة الصدوق به؛ لأنّ العبارة التي نسبها إليه متّحدة مع عبارة الصدوق المتقدّمة. وقد يؤيّد ذلك حصر المخالفين في بعض كلمات الأصحاب بالثلاثة: الصدوق، والجعفي، وابن أبي عقيل.
وقد نقل خلاف بعض هؤلاء العلّامة في المختلف، حيث قال: «وقال أبو عليٍّ ابن أبي عقيل: من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما؛ لأنّ اللَّه إنّما حرّمهما تعبّداً، لا لأنّهما نجسان»[1].
ونقل الشهيد في الذكرى[2] خلاف الصدوق والجعفي والحسن. ولعلّ كلام المحقّق المتقدّم[3] نقله مشعر بوجود اختلافٍ أوسع في المسألة، فلاحظ.
النقطة الثالثة: أ نّنا نستدلّ بالإجماع على الأغلب باعتبار كشفه بصورةٍ متسلسلةٍ عن وضوح الحكم المجمع عليه بين الأصحاب في زمن الأئمّة عليهم السلام، بينما توجد بعض الروايات تدلّ على أنّ المسألة كانت خلافيةً بينهم، فيستكشف أنّ الارتكاز تكوَّن أخيراً على أساس استنباط الفقهاء.
ففي رواية خَيْرَانَ الخادم: أ نّه كتب إلى الرجل يسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير يصلّى فيه أم لا؟ فإنّ أصحابنا اختلفوا فيه، فقال بعضهم:
صلِّ فيه، فإنّ اللَّه إنّما حرّم شربها. وقال بعضهم: لا تصلّ فيه، فكتب عليه السلام:
«لا تصلِّ فيه، فإنّه رجس»[4].
[1] مختلف الشيعة 1: 469
[2] ذكرى الشيعة 1: 114
[3] تقدّم في الصفحة 407- 408
[4] وسائل الشيعة 3: 469، الباب 38 من أبواب النجاسات، الحديث 4