وثانياً: الارتكاز والسيرة، وذلك: إمّا بتقريب أنّ السيرة والبناء العمليّ منعقد على التعامل مع المخالف معاملة المسلم، وهو كاشف عن إسلامه.
أو بتقريب أنّ تعايش الموالين لأهل البيت عليهم السلام مع عموم المسلمين، وشدّة احتياجهم إلى معرفة حكمهم من هذه الناحية، ومدى الحرج الذي يترتّب على افتراض كفر المخالفين كلّ ذلك يجعل من المؤكّد أن يكون حكم المخالفين من هذه الناحية أمراً واضحاً مركوزاً في أذهان الموالين، وهذا يعني أ نّه كان أحد الأمرين مركوزاً في الذهن المتشرّعي العامّ؛ نظراً إلى طبيعة المسألة وأهمّيتها.
وعليه فإن لم ندَّعِ القطع بأنّ المركوز كان هو إسلام المخالفين وطهارتهم فلا أقلّ من احتمال ذلك بنحوٍ معتدٍّ به، وهو يوجب احتمال القرينة المتّصلة الموجب لإجمال الروايات المذكورة؛ لأنّ الارتكاز من قبيل القرائن المتّصلة.
وقد حقّقنا في الاصول[1]: أنّ احتمال القرينة المتّصلة المعتدّ به يوجب الإجمال.
الثالث: ما دلّ من الروايات[2] على أنّ المخالف مطلقاً ناصب. وهي- سواء كان مفادها التعبّد وتنزيل المخالف منزلة الناصب بالحكومة، أو شرح كلمة «الناصب»، وأنّ مرادهم من الكلمة مطلق المخالف- تثبت أنّ حكم الناصب ثابت للمخالف. فإذا ثبت كفر الناصب ونجاسته ثبت ذلك في مطلق المخالف.
وقد يعترض على ذلك: بأنّ هذه الروايات غاية ما يستفاد منها كون
[1] راجع بحوث في علم الاصول 4: 269 وما بعدها
[2] وسائل الشيعة 9: 486، الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 3. وبحارالأنوار 72: 135، الباب 101، الحديث 18