أمّا الغلو بلحاظ مرتبة الالوهية فيتمثّل: تارةً في اعتقاد الشخص بأنّ من غلا في حقّه هو اللَّه تعالى.
واخرى في اعتقاده بأ نّه غير اللَّه الواجب الوجود، إلّاأ نّه شريكه في الالوهية واستحقاق العبادة إمّا بنحوٍ عَرضي، أو بنحوٍ طولي.
وثالثةً في اعتقاده بحلول اللَّه أو اتّحاده مع ذلك الغير، وكلّ ذلك كفر.
أمّا الأوّل فلأ نّه إنكار للَّه.
وأمّا الثاني فلأ نّه إنكار للتوحيد.
وأمّا الثالث فلأنّ الحلول والاتّحاد مرجعهما إلى دعوى الوهيّة غير اللَّه؛ لأ نّهما بالنظر العرفيّ واسطتان في الثبوت، فينافي مع عقد المستثنى منه بحسب المدلول العرفيّ لشهادة «أن لا إله إلّااللَّه»، بل ينافي مع عقد المستثنى أيضاً؛ لأنّ كلمة «اللَّه» في عقد المستثنى بحسب مدلولها الارتكازيّ تشتمل على كثيرٍ من الصفات المنافية لأحوال من غلا في حقّه، كالمشي في الأسواق، والأكل، والشرب.
وأمّا الغلو بلحاظ مرتبة النبوّة فيتمثل في اعتقاد المغالي بأنّ من غلا في حقّه أفضل من النبيّ، وأ نّه همزة الوصل بين النبيّ صلى الله عليه و آله واللَّه، أو أ نّه مساوٍ له على نحوٍ لا تكون رسالة النبيّ بين اللَّه والعباد شاملةً له، وكلّ ذلك يوجب الكفر؛ لمنافاته للشهادة الثانية بمدلولها الارتكازيّ في ذهن المتشرّعة، المشتمل على التسليم بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رسول اللَّه إلى جميع المكلفين من دون استثناء.
وأمّا الغلو بلحاظ الصفات والأفعال بمعنى نسبة صفةٍ أو فعلٍ لشخصٍ ليس على مستواهما، فإن كان اختصاص تلك الصفة أو الفعل باللَّه تعالى من ضروريات الدين دخل في إنكار الضروريّ على الخلاف المتقدّم فيه، وإلّا لم يكن كفراً.