الثاني: الوضوء بسؤر الكتابي والاغتسال به.
فقد جاء في رواية عليّ بن جعفر المتقدّمة[1] النهي عن الوضوء بماءٍ أدخل الكافر يده فيه، إلّاإذا اضطرّ إليه.
وهذا النهي استظهرنا منه النجاسة سابقاً، فيحكّم فيه دليل الطهارة، ومع التنزّل تكون القرينة على الترخيص موثّقة عمّار الساباطي المتقدّمة[2]، المرخِّصة في التوضّؤ من ماءٍ شرب منه اليهودي؛ لأنّ حمل الموثّقة على صورة الاضطرار ليس عرفياً؛ لأنّه تقييد بفردٍ نادر، فيتعيّن حمل النهي على التنزّه.
ويبقى الإشكال من ناحية قيام الإجماع على عدم جواز الوضوء بسؤر الكتابي، وهو إجماع لا ترد عليه جملة من التشكيكات التي أوردناها على دعوى الإجماع على النجاسة؛ لأنّ عدم جواز الوضوء بالسؤر المذكور، ممّا تعرّض له الأصحاب القدماء في متونهم الفقهية مباشرةً.
فإن جاء تشكيك فهو التشكيك من ناحية كونه مدركياً، ومستنداً إلى النهي في مثل رواية عليّ بن جعفر، مع عدم تحكيم موثّقة عمّار الساباطيّ عليها: إمّا للغفلة عن الجمع العرفي، أو لعدم العثور على رواية عمّار الصريحة في الجواز، بلحاظ أ نّها ممّا تفرّد الشيخ الطوسيّ بنقلها من بين المشايخ الثلاثة، رغم عقد الكلينيّ في الكافي باباً بعنوان: «حكم سؤر اليهودي والنصراني … الى آخره»، وقد نقلها الشيخ[3]– على الظاهر- من كتاب سعد بن عبد اللَّه، لا من الاصول المتقدّمة، فلا غرابة في عدم اطّلاع الجميع عليه!
[1] وسائل الشيعة 3: 421، الباب 14 من أبواب النجاسات، الحديث 9
[2] وسائل الشيعة 1: 229، الباب 3 من أبواب الأسآر، الحديث 3
[3] تهذيب الأحكام 1: 223- 224، الحديث 641