من ابتلائهم بالكتابيّ، فكما كثر السؤال في الكتابيّ عن شؤون مساورته كان ينبغي أن نجد نظير ذلك في محلّ الكلام، فعدم ذلك يكشف عن البناء العامّ على الطهارة.
الثالث: أنّ النواهي المذكورة في روايات النجاسة- كالنهي عن السؤر ونحوه- إن استظهر منها النجاسة حملت على التنزّه بلا إشكال، بعد تمامية دليل الطهارة والجمع العرفيّ بينه وبينها.
وأمّا إذا نوقش في ظهور تلك النواهي في النجاسة وبني على أصالتها- كما تقدّم- فقد يقال حينئذٍ بأنّ مجرّد قيام الدليل على الطهارة لا يكفي لرفع اليد عن ظهور تلك النواهي في الإلزام، فلابدّ حينئذٍ من قرينةٍ على الترخيص في الأفعال التي تعلّق بها النهي، وهي كما يلي:
الأوّل: الأكل والشرب من سؤر الكتابي.
فقد ورد النهي عنه صريحاً في رواية سعيد الأعرج بنقل الصدوق: إذ سأل عن سؤر اليهوديّ والنصرانيّ أيؤكل أو يشرب؟ قال: «لا»[1].
وظاهراً في نفس الرواية بنقل الكليني[2]، إذ لم ترد فيه جملة: «أيؤكل أو يشرب؟»، غير أنّ الأكل والشرب هو المنصرف من الانتفاعات المضافة إلى السؤر بما هو سؤر. ويرفع اليد عن ظهور النهي المذكور في الإلزام بقرينة صحيحة العيص المتقدّمة، التي استظهرنا منها كون الأكل في قصعةٍ واحدةٍ مع الكتابي بقرينة إناطة مؤاكلته بأن يتوضّأ.
[1] من لا يحضره الفقيه 3: 347، الحديث 4220. ووسائل الشيعة 24: 210، الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 1
[2] الكافي 3: 11، الحديث 5