إمّا الارتكاز ولكن بمرتبةٍ لا تتنافى مع القرائن على عدم وجود ارتكازٍ حاسمٍ على النجاسة في أذهان فقهاء الرواة.
وإمّا الاطمئنان الشخصيّ الناشئ من مجموعة امورٍ لا نسلّمها، ولكنّنا لا نستبعد افتراض تسليمها عند جملةٍ من الأصحاب.
وإذا كنّا نحتمل الغفلة في شأن جملةٍ من الأصحاب عن ضرورة تقديم الجمع العرفيّ- كما تبرّره بعض القرائن، كتصريح الشيخ الطوسيّ بتقديم الجمع بالحمل على التقية على الجمع العرفيّ في نصٍّ أشرنا إليه سابقاً[1] عند مناقشة الإجماع- فيمكن أن نفسِّر عمل الأصحاب بأخبار النجاسة على أساسٍ اجتهاديٍّ يلائم مع الاعتراف بحجّية أخبار الطهارة في نفسها؛ وذلك من قبيل ترجيح أخبار النجاسة بالأكثرية، أو بمخالفة العامّة، أو بموافقة الكتاب، أو جعل العامّ الكتابيّ مرجعاً بعد التساقط، إلى غير ذلك من الوجوه الاجتهادية التي تقدّمت الإشارة إليها في بحث الإجماع. وعليه فلا موجب لسقوط أخبار الطهارة عن الحجّية في نفسها.
وعلى ضوء ذلك كلّه نلاحظ أنّ أدلّة القول بالنجاسة لم يتمّ شيء منها في الكتابيّ. وأنّ المتيقّن من تلك الأدلّة- التي عُمدتها الإجماع- المشرك ومَنْ يوازيه، أو من هو أسوأ منه كالملحد. وعلى هذا يتّجه التفصيل بين هذا المتيقّن وغيره، فيحكم بالنجاسة في حدود المتيقّن، ويحكم بالطهارة في ما زاد على ذلك.
بقيت في المقام عدّة تنبيهات:
الأوّل: أنّ جملةً من فقهاء غير الإمامية استدلّوا على طهارة أهل الكتاب
[1] راجع الصفحة 309