يضعِّف احتمال الخلل في النقل فيها جميعاً. مضافاً إلى أنّ جملةً منها قد أخذها أصحاب المجاميع من كتب الاصول رأساً، كرواية عليّ بن جعفرٍ التي نقلها الطوسيّ من كتابه، ورواية العيص التي نقلها الصدوق من كتابه.
وأمّا افتراض ارتكازٍ راسخٍ دعا الأصحاب إلى اعتقاد الخلل في المنقول وطرحه فقد ناقشناه تفصيلًا عند تقييم الإجماع المدّعى على النجاسة، ومحاولة التعرّف على مدى قدرته على إثبات ذلك، وانتهينا إلى عدم الاعتقاد بالافتراض المذكور، واحتمال أن يكون موقف الأصحاب السلبيّ من روايات الطهارة مستنداً- ولو في الجملة- إلى عوامل اجتهادية استعرضناها في ما سبق. ومعه لا يبقى مانع عن المصير إلى حجّية أخبار الطهارة في نفسها، والجمع بينها وبين أخبار النجاسة، بحمل تلك على التنزّه، خصوصاً مع اشتمال المقام على رواياتٍ صريحةٍ في النهي التنزيهيّ، تعتبر شاهداً على هذا الجمع.
واستبعاد إعراض الأصحاب أو غفلتهم عن الجمع العرفيّ المذكور، بدون افتراض ارتكاز قاهرٍ يقتضي النجاسة قد مرّ في ما تقدّم من بحثٍ في نقد الإجماع وتقييمه بعض المضعّفات له، فلاحظ.
مضافاً إلى أ نّه لو كشف موقف الأصحاب عن وجود عاملٍ وراء صناعة الروايات فالجزم بأنّ هذا العامل هو مرتبة من الارتكاز الكاشفة كشفاً قطعياً لدينا عن النجاسة غير ممكن؛ لما أشرنا إليه سابقاً من قرائن عدم وجود مثل هذا الارتكاز في أذهان فقهاء الرواة إلى عصر الغيبة، وبعد تزاحم القرائن من الطرفين لا يحصل اليقين بتلك المرتبة من الارتكاز.
ويوجد احتمال أن يكون المستند ارتكاز الحزازة ولزوم التجنّب في الجملة عن الكافر، والارتكازات قد تتعمّق وتتّسع على مرّ الزمن، بحيث يكون أصلها الواقعيّ أضيق دائرةً ممّا انتهت إليه من خلال ملابساتٍ نفسيةٍ وفكرية