الإخبار، فيناسب مع القضية الخارجية، ويناسب أيضاً مع القضية الحقيقية، بأن يكون إخباراً عن لازمٍ عاديٍّ عرفيٍّ لهذه القضية الحقيقيّة.

ويمكن حمله على الإنشاء والأمر بالغسل، فيناسب مع القضية الحقيقية.

فإن حُمِلَ على الإخبار فلا يدلّ على اشتراط غسل اليدين حتّى مع عدم العلم بنجاسة يديها، وإنّما هو إخبار في مقابل إخبار السائل بعدم التطهير بقوله:

«لا تتوضّأ ولا تغتسل»، ومفاده أ نّها تغسل يديها، وهو كافٍ في تطهير محلّ الابتلاء منها كخادمة، وليس المقصود من ذلك تشريع غَسْلٍ على خلاف القواعد العامّة، بل التأكيد على التزامها بتلك القواعد في حدود ما يحتاج إليه.

وإن حمل على الإنشاء والأمر، فالمتيقّن منه صورة العلم بالنجاسة العرضية، وأمّا إطلاقه لصورة الشكّ فهو وإن كان ثابتاً في نفسه إلّاأنّ ما هو نصّ عرفاً في نفي أصالة النجاسة العرضية من روايات الطهارة يقيّد هذا الإطلاق.

ومنها: رواية زكريا بن إبراهيم، قال: دخلت على أبي عبد اللَّه عليه السلام فقلت:

إنّي رجل من أهل الكتاب، وإنّي أسلمت، وبقي أهلي كلّهم على النصرانية، وأنا معهم في بيتٍ واحدٍ لم افارقهم بعد، فآكل من طعامهم؟ فقال لي:

«يأكلون الخنزير؟» فقلت: لا، ولكنّهم يشربون الخمر. فقال لي: «كُلْ معهم واشرب»[1].

ولا شكّ في دلالتها على الطهارة، غير أ نّها غير تامّةٍ سنداً، ولا تخلو من شي‏ءٍ متناً، بلحاظ أ نّها أناطت بظاهرها الترخيص في الأكل والشرب باجتناب لحم الخنزير، ولم تعتبر شربهم للخمر مانعاً عن ذلك: إمّا لدعوى طهارته، أو لأنّه ليس في معرض تنجيس الطعام، بخلاف لحم الخنزير، وكلاهما كما ترى.

 

[1] وسائل الشيعة 24: 211، الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 5