غير أنّ استشعار الإمام عليه السلام كون هذا التأكيد موجباً لانفهام اللزوم جعله ينصب قرينةً على عدم اللزوم. وكما تنفي الرواية النجاسة العينية كذلك تنفي أصالة النجاسة العَرَضية. ولا يمكن عرفاً تقييدها بما إذا علم بأنّ صاحب الطعام قد غسل يده عند كلّ مساورةٍ لطعامه لكي تكون ملائمةً مع أصالة النجاسة العرضية، كما هو واضح.
ومنها: صحيحة إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا عليه السلام: الخيّاط أو القصّار يكون يهودياً أو نصرانياً، وأنت تعلم أ نّه يبول ولا يتوضّأ، ما تقول في عمله؟ قال: «لا بأس»[1].
ومن الواضح أنّ السؤال إنّما هو عمّا يمارسه من ملابس المسلمين بلحاظ الطهارة والنجاسة، كما يشهد بذلك قوله: «تعلم أ نّه يبول»، فنفي البأس يدلّ على طهارة أهل الكتاب بالمعنى المقابل للنجاسة الذاتية، وبالمعنى المقابل لأصالة النجاسة العرضية.
ومثل هذه الرواية لا يمكن تقييدها بما إذا علم بغسل يده قبل ممارسة الملابس لكي تلائم مع أصالة النجاسة العرضية؛ لأنّ السائل قد فرض أ نّه يبول ولا يتوضّأ، أي لا يغسل، وهذا يعني أ نّه لا يعلم بغسل يده حين الممارسة، وإلّا لم يكن هناك أثر لفرض أ نّه يبول ولا يتوضّأ.
ومنها: صحيحة اخرى لإبراهيم، عن الرضا عليه السلام قال: قلت للرضا عليه السلام:
الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أ نّها نصرانية لا تتوضّأ، ولا تغتسل من جنابة، قال: «لا بأس، تغسل يديها»[2].
[1] تهذيب الأحكام 6: 385، الحديث 1142
[2] وسائل الشيعة 3: 422، الباب 14 من أبواب النجاسات، الحديث 11