كالنصارى والمجوس، إلّاأنّ نجاسة النصرانيّ حينئذٍ تكون بوصفه مشركاً، فلا تشمل نصرانياً لو اتّفق إيمانه بالنصرانية، دون تورطٍ في شركها وتثليثها.
وقد يناقش على هذا التقدير بدعوى: أنّ الأخذ بإطلاق كلمة «المشرك» في الآية غير ممكن؛ لأنّ المشرك عنوان يطبّق على كثيرٍ من العصاة المسلمين أيضاً، كالمرائي مثلًا، فلابدّ أن يكون المقصود نوعاً خاصّاً من المشركين، ومعه لا يمكن التمسّك بإطلاق الآية للمشرك من الكتابيّين.
ويندفع ذلك: بأنّ المشرك وإن كان ينطبق على كلّ من أشرك شخصاً مع اللَّه تعالى في مقامٍ من المقامات المختصّة به من وجوب الوجود، أو الخالقية، أو الالوهية، أو الحاكمية ووجوب الطاعة، أو الاستعانة الغيبيّة، وغير ذلك إلّاأ نّه ينصرف إلى الإشراك بلحاظ مرتبة الالوهية والعبادة؛ لأنّها هي المرتبة التي يكون اختصاص اللَّه تعالى بها أمراً مركوزاً.
هذا، مضافاً إلى أنّ ارتكاز طهارة المسلم ولو كان مرائياً وعاصياً يكون بمثابة القرينة المتّصلة على تقييد الإطلاق، ومعه لا موجب لرفع اليد عن الإطلاق إلّا بمقدار اقتضاء هذه القرينة اللبّية على التقييد.
وعلى التقدير الثاني تختصّ الآية بالمشرك المقابل للكتابي، كما هو واضح. وليس من المجازفة دعوى ظهور كلمة «المشرك» عند الإطلاق في الثاني؛ لكونه اصطلاحاً عامّاً في المجتمع الإسلامي.
وممّا يؤيّد المعنى الثاني: جعل المشرك ملاكاً لمنع المشركين من الاقتراب إلى المسجد الحرام، فإنّ وضوح أنّ من يقصد بهذا المنع- عملياً- هم المشركون الوثنيون دون الكتابيّين الّذين لا يقدّسون الكعبة أصلًا، وليسوا في معرض الوصول إليها قد يشكّل قرينةً على ذلك.
وكذلك ما تصدّى له النصّ القرآنيّ عقيب ذلك من تطمين أهل مكّة بقوله: