وضعهما اللَّه»[1].

والعجب أن بعضهم‏[2]– بعد أن ذكر النجاسة الشرعية التي هي قذارة جسمية، والقذارة المعنوية- أنكر تصوّر قسمٍ ثالثٍ من القذارة، وادّعى: أنّ فرض قذارةٍ قائمةٍ بالجسم غير القذارة الاولى غير مألوفٍ ولا مقبولٍ عند أهل الشرع، مع أ نّا لاحظنا أنّ هذا القسم الثالث هو المستفاد من الشرع في مثل الجنابة والحيض!

وهكذا يتّضح: أنّ القذارة متى كانت صفةً ابتدائيةً للجسم كانت قذارةً جسميةً قابلةً للسريان بالملاقاة، ومتى كانت قائمةً بصفةٍ ثابتةٍ للجسم ولم تكن تلك الصفة قابلةً للسريان بالملاقاة فلا تسري القذارة إلى الملاقي بالرغم من كونها قذارةً جسمية.

وتعدّد أقسام القذارة لا ينافي أ نّها ذات معنىً واحدٍ معروف. والأقسام المذكورة إنّما تختلف في مركز القذارة والنجاسة، فهو: تارةً الجسم، واخرى المعنى أو النفس، وثالثةً صفة قائمة بالجسم. ولا انصراف إلى أحد الأقسام إلّا بضمّ المناسبات والملابسات. والنجاسة الشرعية ليست معنىً آخر لِلَفظ القذارة، وإنّما هي اعتبار للنجاسة الحقيقية.

وعلى هذا الأساس فقد يستشكل على الاستدلال بالآية الكريمة: بأنّ لفظة «النجاسة» يمكن حملها على معناها الحقيقيّ اللغوي، أي القذارة، فلا تعطي إلّا الطعن في المشركين بالقذارة والوساخة، ولا موجب لحملها على الفرد الاعتباريّ من القذارة المدَّعاة في المقام.

 

[1] وسائل الشيعة 3: 447، الباب 27 من أبواب النجاسات، الحديث 9

[2] لم نعثر عليه