وقد يقرَّب استفادة الفرد الاعتباريّ من الآية الكريمة بعدّة وجوه:
الوجه الأوّل: دعوى أنّ هذا المعنى هو الاصطلاح الشرعيّ في زمن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم إمّا على أساس الحقيقة الشرعية، أو القرينة العامّة.
وأورد عليه السيّد الاستاذ[1] (دام ظلّه): بأنّ هذا يتوقّف على تسليم أصل تشريع النجاسة في الجملة في زمان نزول الآية، وهذا غير معلوم؛ لِمَا نعلم من أنّ الأحكام بيّنت بالتدريج.
ولكنّ التحقيق: أنّ المظنون قويّاً تشريع أصل النجاسة قبل هذه الآية، فإنّ هذه الآية نزلت في سورة التوبة كما هو معلوم، في السنة التاسعة من الهجرة في أواخر أيّام النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، والمظنون قويّاً تشريع عدّة نجاساتٍ إلى ذلك الزمان.
ويشهد لذلك امور:
منها: أنّ تدريجية الأحكام إنّما كانت لمصلحة تكليف الناس وإعدادهم، ومن المعلوم أنّ نجاسة بعض النجاسات على وفق الطبع العقلائيّ، فلا موجب لتأخير تشريعها. وحينما دخل الرسول صلى الله عليه و آله و سلم المدينة كان متعارفاً عند أهل المدينة الاستنجاء بالحجر أو الماء، وكان البرّاء بن معرور الأنصاري أوّل من استنجى بالماء من المسلمين[2]، فنزلت في حقّه: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»[3].
ومنها: أنّ بعض روايات الإسراء[4]– وهو قبل الهجرة- فيها إشارة إلى
[1] التنقيح 2: 43- 44
[2] كما في وسائل الشيعة 1: 355- 356، الباب 34 من أبواب أحكام الخلوة، الحديث 3 و 5
[3] البقرة: 222
[4] وسائل الشيعة 1: 133- 134، الباب 1 من أبواب الماء المطلق، الحديث 4