الموجودة في الروايات، بدون أن يكونوا بصدد بيان الحرام من المكروه، والواجب من المستحبّ.

وليس حال تلك النواهي والأوامر حال ما يرد الآن في الرسائل العملية، فيصعب على هذا الأساس حصول الاطمئنان بأنّ الأمر بالغسل في كلام فقيهٍ من هذا القبيل إلزاميّ أو تنزيهي، خصوصاً إذا لوحظ أنّ كلام المفيد المتقدّم يشتمل على الفأرة والوزغة، وعلى مسح اليد ببعض الحيطان إذا مسّها الكافر يابساً، فهل كان يرى المسح بالحائط واجباً والغسل من الفأرة واجباً، أو أنّ هذا انسياق مع التنزيهات الموجودة في الروايات؟

ومنها: كلام السيّد المرتضى‏ في شرحه للناصريّات، إذ يقول: «عندنا أنّ سؤر كلّ كافرٍ- بأي ضربٍ من ضروب الكفر كان كافراً- نجس لا يجوز الوضوء به»[1].

ومنها: كلام الشيخ الطوسيّ في النهاية، قال: «ولا بأس بأسآر المسلمين …، ويكره استعمال سؤر الحائض إذا كانت متّهمةً …، ولا يجوز استعمال أسآر من خالف الإسلام من سائر أصناف الكفار …، ولا بأس بسؤر كلّ ما يؤكل لحمه من سائر الحيوان»[2].

وقال فيه أيضاً: «فإن علمت فيه نجاسة أو أدخل يده فيه يهوديّ أو نصرانيّ أو مشرك أو ناصب ومن ضارعهم من أصناف الكفّار فلا يجوز استعماله على حال»[3].

 

[1] الناصريات: 84

[2] النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى: 4- 5

[3] النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى: 5