ليس بمعلوم، بل المنصرف من الرواية كون السؤال بلحاظ تقاطر الماء من الحبل في الدلو، كما تقدّم عند دراستها في بحث انفعال الماء القليل، وعليه فتكون دالّةً على الجامع بين طهارة شعر الخنزير وعدم انفعال الماء بملاقاة المتنجس. وبذلك تحصل المعارضة- بالعَرَضَ- بين إطلاق دليل نجاسة الخنزير لشعره وإطلاق دليل انفعال الماء القليل لملاقاة المتنجس.
فإن انكرنا الإطلاق الثاني: إمّا رأساً، أو لوجود مقيّدٍ له بقي إطلاق دليل النجاسة بلا معارض، وإلّا سقط الإطلاقان بالمعارضة.
هذا كلّه بقطع النظر عمّا دلّ على نجاسة شعر الخنزير بالخصوص، كرواية برد الإسكاف المتقدّمة[1]، وإلّا كان المتعيّن الرجوع إليه في إثبات النجاسة دون أن تصلح الصحيحة للمعارضة معه؛ لعدم تعيّن دلالتها على طهارة شعر الخنزير، وعدم وجود الدليل الخاصّ على انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس.
ومنها: رواية الحسين بن زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديثٍ- قال:
قلت له: شعر الخنزير يجعل حبلًا ويستقى به من البئر التي يشرب منها، أو يتوضّأ منها؟ فقال: «لا بأس به»[2].
وبعد توثيق الحسين بن زرارة- ولو بلحاظ رواية أحد الثلاثة عنه كصفوان- تكون الرواية معتبرةً سنداً.
وأمّا من ناحية الدلالة فهناك فرق بين هذه الرواية وسابقتها، باعتبار قوّة ظهور الرواية السابقة في أنّ السؤال عن حكم ماء الدلو، بخلاف هذه الرواية حيث جعل فيها: «يشرب ويتوضّأ منها» وصفاً للبئر. فبالإمكان دعوى اتّجاه السؤال
[1] وسائل الشيعة 17: 228، الباب 58 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 2
[2] وسائل الشيعة 1: 171، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 3