وفي الكلب لا يوجد مقيّد للإطلاق، فيؤخذ به بلا إشكال. وإنّما الكلام في الخنزير، إذ توجد فيه روايات يمكن الاستدلال بها على طهارة ما لا تحلّه الحياة منه:
منها: صحيحة زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر، هل يتوضّأ من ذلك الماء؟ قال:
«لا بأس»[1].
وقد يورد على الاستدلال بها: تارةً بإبداء احتمال أنّ السؤال ليس من جهة النجاسة، بل من جهة جواز الوضوء بماءٍ استخدم في مقدّماته استعمال نجس العين؛ لاحتمال حرمة استعمال نجس العين.
واخرى بأنّ هذه الرواية من روايات عدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجس، ولا دلالة لها على عدم نجاسة شعر الخنزير بوجه.
أمّا الإيراد الأوّل فقد تقدم في موضعٍ سابق من هذا الشرح: أنّ حمل الرواية على ذلك خلاف الظاهر[2].
وأمّا الإيراد الثاني ففيه: أ نّه لو فرض في مورد الرواية الفراغ عن ملاقاة ماء الدلو لشعر الخنزير فالحكم بجواز الوضوء منه يكشف عن الجامع بين طهارة شعر الخنزير وعدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجس، وحيث إنّ الثاني منفيّ بالدليل الخاصِّ فبضم هذا الدليل الخاصّ إلى هذه الرواية يتمّ الدليل على طهارة شعر الخنزير على نحوٍ يقيّد إطلاق دليل النجاسة.
إلّاأنّ أصل افتراض ملاقاة الماء في الدلو حال انقطاعه عن البئر للحبل
[1] وسائل الشيعة 1: 170، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2
[2] راجع الجزء الأوّل: 407