وقد ذكر المحقّق الهمدانيّ[1] قدس سره روايةً يستدل بها على طهارة الكلب البحري، ويستأنس بها لطهارة الخنزير البحري، وهي صحيحة عبد الرحمان بن الحجّاج، قال: سأل رجل أبا عبد اللَّه عليه السلام- وأنا عنده- عن جلود الخزّ، فقال: «ليس به بأس». فقال الرجل: جعلت فداك، إنّها علاجي (في بلادي)، وإنّما هي كلاب تخرج من الماء. فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «إذا خرجَتْ من الماء تعيش خارج الماء؟» فقال الرجل: لا، فقال: «ليس به بأس»[2].
وهذه الرواية واضحة في طهارة الكلب البحري، فإنّه لا يوجد كلب بحريّ يعيش في البرّ، وإنّما كان سؤال الإمام عليه السلام استدراجاً لبيان النكتة.
وأمّا استفادة طهارة الخنزير البحريّ من الرواية، فتتوقف على أحد أمرين:
الأوّل: دعوى ارتكاز مساواة الكلب والخنزير متشرّعياً.
والثاني: استفادة ضابطٍ كلّيٍّ من التعليل المقتنص من سؤال الإمام عليه السلام عن قدرة الحيوانات على الحياة خارج الماء.
بيان ذلك: أ نّه لا إشكال في أنّ الطهارة في ظاهر الحديث مفرَّعة على عدم عيش الحيوان خارج الماء، وهذا فيه احتمالان:
أحدهما: أن تكون مفرَّعةً على ذلك ابتداءً، بأن يكون عدم العيش خارج الماء بنفسه ملاكاً للطهارة، وعليه فإن استفيد كون ذلك تمام الملاك للطهارة أمكن التعدّي إلى الخنزير البحريّ أيضاً.
والاحتمال الآخر: أن تكون الطهارة مفرَّعةً على عدم الكلبية، وكون
[1] مصباح الفقيه كتاب الطهارة: 545
[2] وسائل الشيعة 4: 362، الباب 10 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 1