توجب العلم بسقوط تلك الأدلة في موردها: إمّا تخصيصاً، وإمّا تخصّصاً، فلا يمكن التمسّك بها، وتبقى أدلّة نجاسة الدم بلا معارض.

نعم، لو كان مدركنا في نجاسة الدم القليل مثل إطلاق موثَّقة عمار، الآمرة بالاجتناب عن الماء الملاقي مع الدم على المنقار صحّ أن يقال: بأنّ الكاشف عن نجاسة الدم القليل إنّما هو إطلاق دليل انفعال الماء الملاقي للدم، ورواية عليّ بن جعفر تدلّ- على كلّ التقادير- على عدم انفعال الماء الملاقي لدمٍ لا يستبين، وبعد سقوط إطلاق الموثّقة لا يبقى كاشف عن نجاسة الدم القليل.

إلّاأنّ أدلّة نجاسة الدم القليل لم تكن منحصرةً في الإطلاق اللفظيّ لهذه الموثّقة، بل يكفي في الحكم بالنجاسة الرجوع إلى الإطلاقات الحاصلة بقرينة إلغاء خصوصية الكثرة والقلّة عرفاً في سائر الروايات.

القول الثاني‏[1]: هو القول بطهارة الدم إذا كان أقلّ من درهم، وذلك استناداً إلى روايات العفو في الصلاة عن الدم الذي يكون أقلّ من درهم، إذ كما يكون ترتيب آثار النجاسة على شي‏ءٍ إرشاداً إلى نجاسته كذلك يكون نفيها عنه إرشاداً إلى نجاسته.

وفيه: أنّ روايات العفو تتضمّن بنفسها قرائن متّصلةً تدلّ عل أنّ العفو يعني نفي المانعية لا النجاسة، فقد ورد في بعضها التصريح بالأمر بالغسل إلى جانب الحكم بالعفو[2].

هذا، مضافاً إلى نفي أثر النجاسة، والحكم بالعفو في المقام إن لم ندَّعِ الظهور في كونه بملاك رفع المانعية لا النجاسة- باعتبار ما قلناه من الارتكاز

 

[1] المنسوب إلى الإسكافي، راجع المعتبر 1: 420

[2] وسائل الشيعة 3: 430، الباب 20 من أبواب النجاسات، الحديث 1