والجواب: أنّ الرواية ناظرة إلى حال الصلاة وناقضية خروج الدم فيها، ومعه فلعلّ إطلاق الحكم المذكور فيها من جهة العفو عن دم الجروح والقروح ولو مع السراية إلى الأطراف كاليد، كما أفتى به بعض[1].
ولو فرض عدم ذلك فيحمل إطلاق الرواية على ما إذا كان الدم أقلّ من درهم، كما تقدّم في غيرها.
ومن الروايات: رواية الحلبيّ: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنع ذلك من الصلاة؟ فقال: «لا، وإن كثر، فلا بأس أيضاً بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله»[2].
حيث نفى لزوم الغسل في دم الرعاف أيضاً، فيكون دليلًا على طهارة الدم المسفوح.
وفيه: أ نّه يحتمل رجوع جملة «ينضحه ولا يغسله» إلى دم الرعاف خاصّة، وبذلك يكون دليلًا على نجاسته، ولكن يكتفى في التطهير منه إذا كان ضئيلًا بالنضح، كما يحتمل رجوع ذلك إلى دم البراغيث.
ثمّ إنّ هذه الروايات جميعاً واردة في موارد يقطع فيها بالنجاسة؛ لأنّها من القدر المتيقّن من نجاسة الدم، فيكشف عن خللٍ فيها: إمّا سنداً، أو دلالةً، أو جهةً، فلا يمكن الاعتماد عليها حتّى لو تمّ ظهورها في نفسها.
وقد اتّضح من مجموع ما ذكرناه: عدم ثبوت إطلاقٍ يمكن أن يرجع إليه عند الشكّ في نجاسة الدم في كلّ مورد.
[1] الحدائق الناضرة 5: 305، وانظر ذخيرة المعاد: 157- 158
[2] وسائل الشيعة 3: 431، الباب 20 من أبواب النجاسات، الحديث 7