والصحيح في المنع أن يقال: إنّ كلمة «الرجس» لم يثبت لها وقتئذ حقيقة شرعية في النجاسة الشرعية الحكمية، كي تحمل عليه الآية، وإنّما غاية ما يمكن افتراضه، أنه إخبار عن القذارة التكوينية الثابتة عرفاً أيضاً في هذه العناوين، فلا يمكن أن يستدلّ بالآية على النجاسة الشرعية الحكمية، وهذا تشكيك قد أبرزناه حتّى في كلمة «النجس»، المستعملة في صدر الإسلام، كما في قوله تعالى: «إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ …»[1].
وأمّا السنّة فقد ادُّعي تواترها واستفاضتها على نجاسة الدم، وهي وإن كانت- جُلّاً أو كلّاً- ليست في مقام بيان أصل النجاسة، وإنّما تبيّن أحكاماً طوليةً متفرّعةً على النجاسة إلّاأ نّها تكفي لإثبات القضية المهملة على كلّ تقدير.
وأمّا الإجماع فتوىً وعملًا فلا إشكال في ثبوته على القضية المهملة أيضاً.
الجهة الثانية: في نجاسة الدم بنحو القضية المطلقة في عمومٍ أو إطلاقٍ يصلح للرجوع إليه في موارد الشكّ.
والصحيح في هذه الجهة: هو عدم إمكان إثبات النجاسة للدم بنحو القضية المطلقة؛ لأنّ المعتبر من روايات الباب على قسمين:
الأوّل: ما ورد في موارد خاصّة، كدم الرعاف[2]، والحكّة[3]، والقروح،
[1] التوبة: 28
[2] وسائل الشيعة 1: 150، الباب 1 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1. و 264، الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء، الحديث 1 و 2 و 7 و 8 وغيرها
[3] وسائل الشيعة 3: 430، الباب 20 من أبواب النجاسات، الحديث 5