مسكها طاهراً.
الرواية الثالثة: رواية عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كانت لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله مَمْسَكَة، إذا هو توضّأ أخذها بيده وهي رطبة، فكان إذا خرج عرفوا أ نّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله برائحته»[1].
ودلالتها على الطهارة باعتبار حجّية عمل النبيّ صلى الله عليه و آله، وظهور استشهاد الإمام عليه السلام، وعنايته في نقل عمل النبيّ صلى الله عليه و آله- مصرّحاً بأ نّه كان يمسّه برطوبةٍ- في أنّ نظره إلى الطهارة ممّا لا ينبغي إنكاره، إلّاأنّ الكلام في نقطتين فيها:
الاولى: في تشخيص المراد بالممسكة. فإن اريد منها محلّ المسك الطبيعيّ- أي الفأرة- كانت الرواية دليلًا على طهارتها، فضلًا عن طهارة المسك فيها.
وإن اريد منها الوعاء الذي يجعل فيه المسك ويحفظ فلا يكون فيها دلالة على طهارة الفأرة، وإنّما تدلّ على طهارة المسك نفسه، باعتبار أنّ المسك إنّما يراد من أجل الاستعمال والتطيّب به، وهو ملازم عادةً مع مساورته. فالرواية تدلّ على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يقوم بذلك بعد الوضوء ممّا يدلّ على طهارته.
مضافاً إلى أنّ العناية التي جاءت في الرواية- من أ نّه كان يأخذها بيده وهي رطبة- دليل على النظر إلى جهة المحذور، ومن الواضح أنّ ما يحتمل فيه المحذور لم يكن هو الممسكة بما هي وعاء، فإذا لم يكن النظر إلى فأرة المسك فيتعيّن أن يكون النظر إلى المسك الملوّث به الوعاء.
الثانية: أ نّه هل يستفاد من الرواية طهارة الفأرة أو المسك مطلقاً، أم لابدّ من الاقتصار فيها على القدر المتيقّن، وهو المتّخذ من المذكّى، باعتبار أنّ القضية المرويّة قضية خارجية لايمكن استظهار الإطلاق منها؟
[1] وسائل الشيعة 3: 500، الباب 58 من أبواب النجاسات، الحديث 1