وثانياً: أنّ روايات طهارة المسك تثبت طهارته الذاتية فعلًا، وأمّا عدم نجاسته بالسراية فليس مدلولًا لها، وإنّما تدلّ عليه لو فرض أنّ المسك كان كاللبن في الضرع مائعاً. وأمّا لو كان منجمداً حين الموت- إن كان مائعاً قبل ذلك- فلا تنعقد الدلالة المزبورة لنفي نجاسته العَرَضية لو لاقى النجس مع الرطوبة.
وأمّا المسك المتّخذ من الميتة فأيضاً يحكم بطهارته بالوجوه التي تقدمت في إثبات طهارة المسك المتّخذ من الحيّ، عدا الوجه الأخير، كما أشرنا سابقاً.
هذا كلّه على مقتضى القاعدة الأوّلية. وأمّا في ضوء الروايات الخاصّة فقد وردت عدّة رواياتٍ، أهمّها ثلاث:
الاولى: رواية عليّ بن جعفر: سأل أخاه موسى عليه السلام عن فأرة المسك تكون مع من يصلّي وهي في جيبه أو ثيابه؟ فقال: «لا بأس بذلك»[1].
فإنّها تدلّ بالمطابقة على جواز حمل فأرة المسك في الصلاة، وبالملازمة على عدم نجاستها، حيث لا يجوز حمل النجس في الصلاة، وحيث اطلق فيها فأرة المسك دون تفصيلٍ بين ما يتّخذ من الحيّ وما يتّخذ من الميتة، فيستفاد منها- لولا دعوى كون المتعارف خارجاً أخذها من الحيّ لا الميتة- طهارتها حتى لو كانت من الميتة.
وهذا الاستدلال في غير محلّه؛ ذلك أنّ الملازمة المذكورة بين جواز حمل شيءٍ في الصلاة وعدم نجاسته: إن اريد بها الملازمة العرفية فهي ممنوعة، إذ لم يثبت مركوزية هذا الحكم عند العرف بدرجةٍ ينعقد ببركتها ظهور للّفظ في نفي النجاسة.
وإن اريد بها الملازمة الثبوتية شرعاً: فإمّا أن يفترض ثبوتها بدليلٍ قطعيٍّ،
[1] وسائل الشيعة 4: 433، الباب 41 من أبواب لباس المصليّ، الحديث 1