وهي واضحة الدلالة على طهارة الميتة، خصوصاً وقد عطف فيها اللبن والسمن على الماء، ممّا يسدّ باب احتمال أن يكون الحكم بجواز الوضوء أو الشرب من الماء الملاقي مع الميتة باعتبار عصمة الماء- مثلًا- وعدم انفعاله حتّى بعين النجاسة لو احتمل ذلك في نفسه.
وقد ادّعى صاحب المدارك[1]: أنّ نقل الصدوق لهذه الرواية ثلم للإجماع والتسالم على نجاسة الميتة؛ إذ قد تعهّد في صدر كتابه أ نّه لا يروي إلّاما يعتمد عليه في مقام الإفتاء، فيدلّ على أ نّه كان يفتي بعدم النجاسة.
ومن هنا ينفتح البحث حول هذه المرسلة: تارةً من ناحية الاستدلال بها كروايةٍ معارضةٍ مع الروايات الظاهرة في نجاسة الميتة. واخرى من ناحية ثلمها للإجماع والتسالم الفقهي.
أمّا الاستدلال بها فيرد عليه:
أوّلًا: ضعف السند باعتبار الإرسال، والصدوق رحمه الله وإن كان يرويها بنحو الجزم حيث يقول: «سئل الصادق عليه السلام» إلّاأنّ ذلك لا يكفي في شمول دليل الحجّية له ما دام لا يحتمل في حقّ مثل الصدوق أن ينقل الرواية عن الصادق عليه السلام بالحسّ، أو ما يكون بحكمه، كأن تكون الرواية المذكورة متواترةَ النقل إلى زمانه، وأنّ النقل بالنحو المذكور يكشف عن تأكّد الصدوق من صدور الرواية، وهذا لا يكفي لحجّيتها.
ثانياً: لو فرض صحّة سندها لا تكون أيضاً مشمولةً لدليل الحجّية، باعتبار ما لدينا من الظنّ القويّ والوثوق بخلاف مضمونها على ضوء ملاحظة مجموعة الفتاوى والنصوص الدالّة على النجاسة.
[1] مدارك الأحكام 2: 268- 269