وأمّا ثلم نقل الصدوق لها- في كتاب من لا يحضره الفقيه- للإجماع فقد اجيب عليه: تارةً بعدم قدح مخالفة الواحد، واخرى بأنّ نقل الصدوق له غاية ما يدلّ عليه أ نّها لم تكن من الروايات الشاذّة الضعيفة، فإنّ المستفاد من تعهّده في أوّل كتابه أ نّه لا يروي إلّاما يكون صحيحاً في نفسه، وهذا لا يلزم أن تكون الرواية تامّةَ الجهات في نظره سنداً ودلالةً، مع عدم المعارض لها، ولا قرينة على خلافها كي يستفاد من ذلك إفتاؤه بمضمونها، فيلزم انثلام الإجماع.
والواقع أنّ كلا هذين الجوابين ممّا لا تقنع النفس به، بل يبقى لكلام صاحب المدارك شيء من الوجاهة، إذ دعوى عدم قدح مخالفة الواحد ليست صحيحةً في كلّ مقامٍ بحيث يمكن فرضه قاعدةً كلّية، بل لابدّ من ملاحظة خصوصيّات ذلك المخالف ومركزه وموقعه.
فمخالفة مثل الصدوق رحمه الله- القائم على رأس حوزةٍ يكثر فيها الفقهاء والمشايخ- قد تكشف عن عدم التسالم الارتكازيّ على النجاسة.
كما أنّ دعوى عدم إفتائه بمضمون ما يرويه في كتابه أيضاً خلاف ظاهر تعهّده في أول الكتاب بأ نّه ينقل فيه ما يعتمد عليه في مقام الإفتاء. ويدلّ عليه:
أ نّه صنّف ذلك الكتاب لمن لا يحضره الفقيه من مقلّديه الّذين يبغون الاطّلاع على فتاواه.
نعم، ربّما يدّعى عدم الجزم باعتماده على إطلاقها فلعلّه كان يحملها على فرض كون الميتة ممّا لا نفس سائلة له، وإن كان يوحي عدم تقييده بذلك اعتماده على إطلاقها.
وعلى أيّ حالٍ فلو فرض قدح مثل هذه العبارة في كتاب الصدوق في التسالم والإجماع يكفينا لإثبات النجاسة الأدلّة اللفظية المتقدّمة.
الثانية: رواية عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الرجل