أمّا الصورة الاولى فالعمولة فيها جائزة؛ لأنّ البنك في هذه الصورة يحتلّ مركز المدين، وفرض العمولة يكون لمصلحة المدين لا الدائن، فلا يكون رباً.
وأمّا الصورة الثانية فالبنك يحتلّ فيها مركز الدائن، وعليه يكون أخذه للعمولة حراماً؛ لربَويّتها. هذا ملخّص ما افيد في المقام.
والتحقيق: أنّ العمولة جائزة وصحيحة على كلّ حال؛ لأنّ بالإمكان تخريجها فقهياً على أساسٍ يجري حتى في الصورة الثانية، كما يتّضح ممّا عرضناه في المتن، وذلك بجعل العمولة في مقابل تحكّم المدين في تعيين مكان الوفاء لدائنه، أو تحكّم الدائن في تعيين مكان وفاء مدينه له.
ففي الصورة الثانية وإن كان البنك النجفي هو الدائن والمقرض، ولكن لمَّا كان هذا القرض قد وقع منه في النجف فالمكان الطبيعي للوفاء الذي يقتضيه الإطلاق هو النجف، ويصبح من حقّ البنك أن يطالب المقترِض بالوفاء والدفع في النجف، وحيث إنّ المفروض أنّ المقترِض يريد أن يكلّفه بتسلّم المبلغ من بنكٍ في بلدٍ آخر فبإمكان البنك النجفي أن لا يوافق على ذلك إلّابإزاء مقدارٍ معيّنٍ من المال. وليس في ذلك رباً على الإطلاق.
والفكرة الأساسية في هذا التخريج أ نّه متى ما أراد الدائن أو المدين أن يُلزِم الطرف الآخر بقبول المبلغ المقترَض أو دفعه في غير المكان الطبيعي الذي وقع فيه عقد القرض وانصرف إليه، فيصح للطرف الآخر أن يأخذ مالًا في مقابل تجاوبه مع ذلك الإلزام، ورفع اليد عن حقّه في الامتناع.