يحدّدها العلم القبلي، تطبيقاً لبديهية الحكومة.
الاعتقاد بالتماثل بين الأشياء:
إنّنا نعتقد بالتماثل بين الأشياء التي نراها متماثلة، ووجود قاسم مشترك بينها يبرّر أن نعبّر عنها ب «فئة الألفات» أو «فئة الباءات». وهذا الاعتقاد يقوم على أساس استقرائي، وذلك لأنّنا في التطبيق السابق للدليل الاستقرائي أثبتنا أنّ الواقع الموضوعي للصورة المحسوسة يشابهها في كثير من الخصائص، فإذا كانت الصورة المحسوسة لأشياء متعدّدة متماثلة، استنتجنا من ذلك: التماثل بين تلك الأشياء. فالتماثل بين الصور المحسوسة نفسها نتعرّف عليه مباشرة، والتماثل بين الأشياء المثيرة لتلك الصور مستدلّ استقرائيّاً بالتماثل بين الصور نفسها، ما دمنا قد عرفنا أنّ كلّ صورة محسوسة تشابه الشيء الذي أثارها في الواقع الموضوعي.
ولكنّ الاعتقاد بالتماثل بين الواقع والصورة لا يكفي وحده لكي نستكشف التماثل بين الأشياء عن طريق التماثل بين الصور؛ لأنّ هذا الاستكشاف بحاجة إلى افتراض أنّ الجهاز الحسّي للإدراك لم يطرأ عليه تغيير، وذلك لأنّ تحديد الصورة المحسوسة وتعيين معالمها نتيجة عاملين: أحدهما الواقع الموضوعي، والآخر الشروط الداخلية الفيزيائية والفسيولوجية والسيكولوجية للإدراك الحسّي.
فالجهاز الحسّي للإدراك إذا لم يطرأ على شروطه الداخلية أيّ تغيير، فسوف يحصل على صورة مماثلة للصورة السابقة، متى واجه واقعاً موضوعياً مماثلًا للواقع الموضوعي السابق. وأمّا إذا اختلفت الشروط الداخلية لجهاز الإدراك، فمن الممكن أن تختلف طريقته في توليد الإدراكات الحسيّة. وهذا