الظاهرتين للُاخرى، تطبيقاً للشكل الأوّل من الاستدلال الاستقرائي.
ويمكننا التوصّل إلى إثبات هذه السببيّة استقرائياً، مع احتفاظنا بالحياد تجاه موضوعية الحادثة وذاتيّتها.
4- وبعد ذلك يتّفق كثيراً أ نّا ندرك حسّياً الظاهرة المسبّبة: (ب)، دون الظاهرة (أ) التي عرفنا بالاستقراء أ نّها سبب ل (ب)، فنحسّ بالضوء دون أن نبصر قرص الشمس، ونسمع الرعد دون أن نرى البرق، ونشاهد الغليان دون أن نعاصر بإدراكنا الحسّي عملية وضع الماء على مسافة محدّدة من النار.
وفي هذه المرحلة نواجه مصداقاً للحالة الثانية من حالات الشكل الثاني للاستدلال الاستقرائي؛ لأنّنا نرى (ب) فعلًا ونعلم على هذا الأساس- علماً إجمالياً- بأ نّه قد وجد مصداق لماهية بينها وبين ماهية (ب) علاقة السببيّة، وهذه الماهية هي: إمّا ماهية (أ) التي ثبت بالاستقراء سببيّتها ل (ب)، وإمّا ماهية اخرى نجهل سببيّتها ل (ب) نرمز إليها ب (ت)، ولنعبّر عن هذا العلم ب «العلم الإجمالي القبلي الثاني». والافتراض الأوّل في هذا العلم الإجمالي يعني موضوعيّة (أ)؛ لأنّه يفترض وجوده رغم عدم إدراكنا له، وهو معنى كونه موضوعيّاً.
والمعلوم بهذا العلم الإجمالي القبلي الثاني كلّي مقيّد، أي فرد ما من ماهية مقيّدة بصفة، وهي أنّ بينها وبين ماهيّة (ب) علاقة السببيّة.
5- ويوجد- إلى جانب العلم الإجمالي القبلي الأوّل والقبلي الثاني- علم آخر نعبّر عنه ب «العلم الإجمالي البعدي»، وهو العلم الذي يحدّد قيمة احتمال عدم سببية ماهية (ت) لماهية (ب)، فإنّ هذه السببيّة ليست مؤكّدة بل محتملة، وما دامت محتملة فهناك- إذن- علم إجمالي يستوعب احتمالاتها، ويحدّد قيمة الإثبات وقيمة النفي.